فصل
وفي صفحة 28 أيضا نقل الصواف عن الملحد الجهمي جميل صدقي الزهاوي أنه قال:
وما الأرض بين الكائنات التي ترى
بعينيك إلا ذرة صغرت حجما
ونحو ذلك قول الصواف في صفحة 83 أن الأرض ما هي إلا فقاعة في محيط، وقوله أيضا في صفحة 109: "ولعل أدق وصف للأرض بالنسبة للكون هو أنها هباءة دقيقة لا ترى إلا بالمجهر في هذا الفضاء الفلكي الواسع بالنسبة إلى الأجرام السماوية المتناثرة في أنحاء الكون".
والجواب عن هذا من وجوه أحدها أن يقال: ما يدري جميلا الزهاوي أن الأرض كالذرة بين الكائنات التي يراها الإنسان بعينيه {أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى}، وما يُدري الصواف أن الأرض ما هي إلا فقاعة في محيط وأنها هباءة دقيقة لا ترى إلا بالمجهر في هذا الفضاء الفلكي الواسع، هل وجد ذلك في كتاب الله تعالى أو فيما صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو أنزل عليه الوحي بذلك، وإذا كان كل هذا معدوما، فلا شك أنه وصاحبه قد قفوا ما ليس لهما به علم، وليس لهما مستند فيما زعماه سوى التخرص واتباع الكذب.
وقد قال الله تعالى {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} وقال تعالى {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ} وقال تعالى: {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ} وقال تعالى: {وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا * فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى}.