وفي الآيات والأحاديث التي ذكرنا أبلغ رد على من زعم أنه يعلم ما يكون في المستقبل.
وإذا كان أشرف المرسلين صلوات الله وسلامه عليه لا يعلم ما يكون في غد فغيره من الناس أولى أن لا يعلموا ذلك.
وعلى هذا فمن زعم أنه يعلم ما يكون في المستقبل فهو من رءوس الطواغيت لكونه قد نازع الله فيما استأثر به من علم الغيب ومن نازع الله في خصائصه فهو طاغوت شاء أم أبى. ومن صدقه فيما يقول فهو ممن آمن بالطاغوت شاء أم أبى.
ومن زعم أنه يعلم ما يكون بعد ملايين السنين فهو شر ممن زعم أنه يعلم ما يكون في غد القريب.
وقد قال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} وقال تعالى: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} أي: يجرون فيه ويسيرون بسرعة.
وقال تعالى في أربعة مواضع من القرآن {وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى} قال البغوي وغيره أي: إلى وقت معلوم وهو فناء الدنيا.
فالشمس لا تزال جارية سابحة في فلكها الذي جعلها الله فيه ما دامت الدنيا فإذا كان يوم القيامة أدنيت من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل وزيد في حرها كما جاءت بذلك الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ثم بعد ذلك تكور في النار كما قال تعالى {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}.
وروى ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (يكور الله