على الوجه البعيد عنها مردود عليهم لأنه من الرجم بالغيب، والأرض لم تزل واقفة ساكنة منذ أرساها الله بالجبال، ولا تزال كذلك إلى يوم القيامة كما تقدم تقريره في الوجه الثاني.
الوجه الرابع: أن الله تبارك وتعالى لم يشر قط إلى حركة الأرض ودورانها حول نفسها وعلى الشمس، فضلا عن الإشارة إلى وقوف حركتها في المستقبل ودوام النهار على الوجه المقابل للشمس ودوام الليل على الوجه البعيد عنها.
وما زعمه الصواف ههنا فهو كذب على الله وعلى كتابه، وقد قال الله تعالى {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا}، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، وقال تعالى: {وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}، وقال تعالى {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ}.
وقد تقدم حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال «من قال في القرآن برأيه، أو بما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار» رواه الإمام أحمد والترمذي وابن جرير والبغوي، وقال: الترمذي هذا حديث حسن صحيح.
وما ذكر في هذا الحديث والآيات قبله من الوعيد الشديد يمنع من له أدنى مسكه من عقل من الجراءة على القرآن والقول فيه بغير علم، ومن اجترأ على القول في القرآن بغير علم ولم يبال بهذا الوعيد الشديد فذلك لا عقل له، وقد قال الله تعالى {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ}.