وجعلت كلمات التحيات في آخر الصلاة بمنزلة خطبة الحاجة أمامها، فإن المصلي إذا فرغ من صلاته، جلس جلسة الراغب الراهب يستعطي من ربه ما لا غنى به عنه، فشرع له أمام استعطائه كلمات التحيات مقدمة بين يدي سؤاله، ثم يتبعها بالصلاة على من نالت أمته هذه النعمة على يده وسعادته، ثم يتبعها بالصلاة على من نالت أمته هذه النعمة على يده وسعادته، فكأن المصلي توسل إلى الله سبحانه بعبوديته، ثم بالثناء عليه والشهادة له بالوحدانية، ولرسوله بالرسالة، ثم الصلاة على رسوله، ثم قيل له: تخير من الدعاء أحبه إليك، فذاك الحق الذي عليك، وهذا الحق الذي لك، وشرعت الصلاة على آله مع الصلاة عليه تكميلاً لقرة عينه بإكرام آله والصلاة عليهم، وأن يصلي عليه وعلى آله كما صلى على أبيه إبراهيم وآله.
والأنبياء كلهم بعد إبراهيم من آله؛ لذلك كان المطلوب للرسول - صلى الله عليه وسلم - صلاة مثل الصلاة على إبراهيم، وعلى جميع الأنبياء بعده وآله المؤمنين، فلهذا كانت هذه الصلاة أكمل ما يصلي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بها وأفضل.