التحيات لله

ولما كان عادة الملوك أن يحيوا بأنواع التحيات من الأفعال والأقوال المتضمنة للخضوع والثناء وطلب البقاء ودوام الملك، فمنهم من يحيى بالسجود ومنهم من يحيى بالثناء عليه، ومنهم من يحيى بطلب البقاء والدوام له، ومنهم من يجمع له ذلك كله، فكان الملك الحق سبحانه أولى بالتحيات كلها من جميع خلقه، وهي له بالحقيقة، ولهذا فسرت التحيات بالملك، وفسرت بالبقاء والدوام وحقيقتها ما ذكرته وهي تحيات الملك، فالملك الحق المبين أولى بها.

فكل تحية يحيى بها ملك من سجود أو ثناء أو بقاء ودوام فهي لله عز وجل، ولهذا أتى بها مجموعة معرفة باللام أداة العموم وهي جمع تحية، وهي تفعيلة من الحياة، وأصلها تحيية بوزن تكرمة ثم أدغم أحد المثلين في الآخر فصارت تحية، وإذا كان أصلها من الحياة فالمطلوب لمن يُحيَّى بها دوام الحياة.

وكانوا يقولون لملوكهم: لك الحياة الباقية ولك الحياة الدائمة، وبعضهم يقول: عشرة آلاف سنة، واشتق منها أدام الله أيامك، وأطال الله بقاءك، نحو ذلك مما يراد به دوام الحياة والملك وذلك لا ينبغي إلا للحي الذي لا يموت وللملك الذي كل ملك زائل غير ملكه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015