وَقَالَ كُثَيِّرٌ
أَفِقْ قَدْ أَفَاقَ الْعَاشِقُونَ وَفَارَقُوا الْهَوَى وَاسْتَمَرَّتْ بِالرِّجَالِ الْمَرَائِرُ
وَهَبْهَا كَشَيْءٍ لَمْ يَكُنْ أَوْ كَنَازِحٍ ... بِهِ الدَّارُ أَوْ مَنْ غَيَّبَتْهُ الْمَقَابِرُ
وَمَتَى صَوَّرَ الإِنْسَانُ مِثْلَ هَذِهِ الأَشْيَاءَ وَتَلَمَّحَ عَوَاقِبَهَا بِفِكْرِهِ سَهُلَ عَلَيْهِ عِلاجُ مَا فِي قَلْبِهِ وَمَتَى مَرَّ عَلَى وَجْهِهِ فِي اسْتِلْذَاذِ عِشْقِهِ هَجَمَ عَلَيْهِ مِنَ الْمِحَنِ مَا يُرْبِي عَلَى لَذَّتِهِ وَرُبَّمَا كَانَ سَبَبُ هَلَكَتِهِ
أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الأَعْرَابِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَمْرُوسَ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ دَخَلَ يَوْمًا بَعْدَ مَوْتِ حُبَابَةَ وَكَانَ لَهَا عَاشِقًا إِلَى خَزَانَتِهَا وَمَقَاصِيرِهَا فَطَافَ بِهَا وَمَعَهُ جَارِيَةٌ مِنْ جَوَارِيهَا فَتَمَثَّلَتِ الْجَارِيَةُ
كَفَى حُزْنًا بِالْوَالِهِ الصَّبّ أَنْ يَرَى ... مَنَازِلَ مَنْ يَهْوَى مُعَطَّلَةً قَفْرَا
فَصَاحَ صَيْحَةً وَخَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ فَلَمْ يَفِقْ إِلَى أَنْ مَضَى مِنَ اللَّيْلِ هُوَيٌّ فَلَمْ يَزَلْ بَاقِي لَيْلَتِهِ بَاكِيًا فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي وَقَدِ انْفَرَدَ فِي بَيْتٍ يَبْكِي عَلَيْهَا جَاءُوا إِلَيْهِ فَوَجَدُوهُ مَيِّتًا
أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَ أَبُو عَليّ ابْن شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الطُّوسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بن بكار قَالَ حَدثنِي هرون بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ بَيَّنَّا هُوَ مَعَ حُبَابَةَ أَسَرَّ النَّاسَ بِهَا حَذَفَهَا بِحَبَّةِ رُمَّانٍ أَوْ بِعِنَبَةٍ وَهِيَ تَضْحَكُ فَوَقَعَتْ فِي فِيهَا فَشَرِقَتْ فَمَاتَتْ فَأَقَامَتْ عِنْدَهُ فِي الْبَيْتِ حَتَّى جَيَّفَتْ أَوْ كَادَتْ تُجَيِّفَ ثُمَّ خَرَجَ فَدَفَنَهَا فَأَقَامَ أَيَّامًا ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى قَبْرِهَا فَقَالَ
فَإِنْ تَسْلُ عَنْكِ النَّفْسُ أَوْ تَدَعِ الصِّبَا ... فَبِالْيَأْسِ تَسْلُو عَنْكِ لَا بِالتَّجَلُدِ
ثُمَّ رَجَعَ فَمَا خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ حَتَّى خُرِجَ بِنَعْشِهِ