مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الصَّوْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْيَزِيدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْن أَخِي الأَصْمَعِيُّ عَنْ عَمِّهِ قَالَ قَالَ لِي الرَّشِيدُ مَا حَدُّ الْعِشْقِ وَصِفَتُهُ فَقُلْتُ أَنْ تَكُونَ رِيحُ الْبَصَلِ مِنَ الْمَعْشُوقِ أَطْيَبُ عِنْدَ الْعَاشِقِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ مَعَ غَيْرِهِ وَقَالَ الْحُكَمَاءُ عَيْنُ الْهَوَى عَوْرَاءُ
بِهَذَا السَّبَبُ يُعْرِضُ الإِنْسَانُ عَنْ زَوْجَتِهِ وَيُؤْثِرُ عَلَيْهَا الأَجْنَبِيَّةَ وَقَدْ تَكُونُ الزَّوْجَةُ أَحْسَنُ وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ عُيُوبَ الأَجْنَبِيَّةِ لَمْ تَبِنْ لَهُ وَقَدْ تُكْشِفُهَا الْمُخَالَطَةُ وَلِهَذَا إِذَا خَالَطَ هَذِهِ الْمَحْبُوبَةِ الْجَدِيدَةِ وَكَشَفَتْ لَهُ الْمُخَالَطَةُ مَا كَانَ مَسْتُورًا مَلَّ وَطَلَبَ أُخْرَى إِلَى مَا لَا نِهَايَةٍ لَهُ
وَقَدْ بَلَغَنَا عَنِ الْمُتَوَكَّلِ أَنَّهُ خَرَجَ يَوْمًا وَاجِمًا فَسَأَلَهُ وَزِيرُهُ عَنْ حَالِهِ فَقَالَ فِي الدَّارِ عِشْرُونَ وَمِائَةُ جَارِيَةٍ مَا فِيهِنَّ مَنْ تَطْلُبُهَا نَفْسِي
قَالَ الْمُصَنِّفُ فَاسْتِعْمَالُ الْفِكْرِ فِي بَدَنِ الآدَمِي وَمَا يَحْوِي مِنَ الْقَذَارَةِ وَمَا تَسْتُرُ الثِّيَابُ مِنَ الْمُسْتَقْبَحِ يَهُونُ الْعِشْقُ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ إِذَا أَعْجَبَتْ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً فَلْيَذْكُرْ مَنَاتِنَهَا
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ مَنْ وَجَدَ رِيحًا كَرِيهَةً مِنْ مَحْبُوبَهِ سَلاهُ وَكَفَى بِالْفِكْرِ فِي هَذَا الأَمْرِ دَفْعًا لِلْعِشْقِ الْمُقْلِقِ
وَلَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ رَجُلا عَشِقَ امْرَأَةً فَمَدَّ يَدَهُ إِلَيْهَا مَعَ طَيْشٍ فَقَالَتْ لَهُ تَأَمَّلْ أَمْرَكَ أَتَدْرِي مَا تُرِيدُ أَنْ تَصْنَعَ إِنَّمَا تُرِيدُ أَنْ تَبُولَ فِي بَالُوعَةٍ لَوْ شَاهَدْتَ دَاخِلَهَا لَوَجَدْتَهُ أَنْتَنَ مِنَ الْكَنِيفِ فَبَرَدَ وَسَكَنَ وَلَمْ يُعَاوِدُ
وَقَالَ أَبُو نَصْرِ بْنِ نَبَاتَةَ
مَا كُنْتُ أَعَرِفُ عَيْبَ مَنْ أَحْبَبْتُهُ ... حَتَّى سَلَوْتُ فَصِرْتُ لَا أَشْتَاقُ
وَإِذَا أَفَاقَ الْوِجْدُ وَانْدَمَلَ الْهَوَى ... رَأَتِ الْقُلُوبُ وَلَمْ تَرَ الأَحْدَاقُ