تَأَبَى الدَّنَاءَةَ لِي نَفْسٌ نُفَاسَتُهَا ... تَسْعَى لِغَيْرِ الرِّضَا بِالرَّيِّ وَالشِّبَعِ
بِهِمَّةٍ مَا أَظُنُّ الْحَظَّ يُدْرِكُهَا ... إِلا وَقَدْ جَاوَزَتْ بِي كُلَّ مُمْتَنِعِ وَلَهُ
وَقَدْ رَامَ هَذَا الْحُبُّ أَنْ يَسْتَرِقَّنِي ... فَأَنْجَدَنِي صَبْرٌ عَلَيَّ جَمِيلُ وَلَهُ
لَا تَحْسَبِي أَنَّ نَفْسِيَ كَالنُّفُوسِ إِذَا ... حَمَّلْتُهَا فِي هَوَاكِ الضَّيْمَ تَحْتَمِلُ
وَرُبَّمَا بَعَثَ التِّذْكَارُ نَحْوَكُمُ ... دَمْعِي فَتُنْكِرُهُ الأَجْفَانُ وَالْمُقَلُ
كُونِي كَمَا شِئْتِ إِنْ هَجْرًا وَإِنْ صِلَةً ... فَلَيْسَ تُنْكِرُ صَبْرَ الْبَازِلِ الإِبِلُ
كَمْ ذُقْتُ لِلدَّهْرِ خَطْبًا أَنْتِ أَيْسَرُهُ ... فَمَا ثَنَى عِطْفَ حِلْمِي الْحَادِثُ الْجَلِلُ وَلَهُ
سِوَايَ الَّذِي تَرْمِي المطامع نبله ... وَغَيره مَنْ بِالْحِرْصِ يَسْهُلُ ذُلُّهُ
وَلَوْ كُنْتُ مِمَّنْ تَقْبَلُ الضَّيْمَ نَفْسُهُ ... لَجَنَّبْتُ هَجْرِي مَنْ مُنَى النَّفْسِ وَصْلُهُ
هَوًى سُمْتُ قَلْبِي أَنْ يُطَاوِعَ حُكْمَهُ ... فَبَادَرَنِي قَبْلَ الْعَوَاذِلِ عَذْلُهُ
تَوَهَّمَنِي كَالْعَاشِقِينَ يَرُوعُنِي ... تَجَنُّبُهُ أَوْ يَغْتَالُ جَدِّيَ هَزْلُهُ
وَإِنِّي لأَلْقَاهُ بِسَلْوَةِ زَاهِدٍ ... وَفِي يَدِهِ عَقْدُ الْفُؤَادِ وَحَلُّهُ
أُصَارِفُ طَرْفِي فِي تَأَمُّلِ حُسْنِهِ ... وَأَسْخَطُ مَا يُرْضِي سِوَايَ أَقَّلُهُ