قَالَ وَازْدَادَ وِجْدِي بِهَا وَكَلَفِي بحسنها فَقَالَ لِي بَعْضُ مَنْ آنَسُ بِهِ لَوْ تَزَوَّجْتَ لَسَكَنَ مَا بِكَ فَتَأَبَّيْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ مِلْتُ إِلَى مَا قَالَ رَجَاءَ الإِفَاقَةِ
فَاسْتَعَنْتُ بِامْرَأَةٍ عَلَى ارْتِيَادِ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَجَاءَتْنِي بَعْدَ أَيَّامٍ فَقَالَتْ قَدْ حَصُلْتُ لَكَ امْرَأَةً تُلائِمُ مُرَادَكَ حُسْنًا وَبَيْتًا
فَاسْتَحْضَرْتُ وَلِيَّهَا وَتَزَوَّجْتُهَا فَلَمَّا زُفَّتْ إِلَيَّ تَأَمَّلْتُهَا فَإِذَا هِيَ صَاحِبَتِي فَقَضَيْتُ الْعَجَبُ مِنْ حُسْنِ الاتِّفَاقِ
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ قَالَ كَانَ أَبُو الْجَوَائِزِ أَدِيبًا شَاعِرًا حَسَنَ الشِّعْرِ فِي الْمَدِيحِ وَالأَوْصَافِ وَالْغَزَلِ وَعَلَّقْتُ عَنْهُ أَخْبَارًا وَحِكَايَاتٍ وَأَنَاشِيدَ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ وُلِدْتُ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسٍ وثلاثمائة
فَصْلٌ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ قَدْ ذَكَرْتُ عِلاجَ الْعَاشِقِ بِتَحْصِيلِ الْمَعْشُوقِ إِنْ كَانَ مُبَاحًا وَرَجَيْتُهُ بِأَنَّ ذَلِكَ يُمْكِنُ وَقَدِ اتَّفَقَ لِجَمَاعَةٍ فَمَا تَقُولُ فِي عِشْقِ مَنْ لَا سَبِيلَ إِلَى تَحْصِيلِهِ كَذَاتِ الزَّوْجِ أَوْ مُحَرَّمٌ عَلَى التَّأْبِيدِ كَالأَمْرَدِ فَهَلْ لِهَذَا الأَمْرِ مِنْ عِلاجٍ مَعَ أَنَّهُ قَدْ أَنْحَفَ الْجَسَدَ وَأَدَامَ السَّهَرَ وَقَارَبَ بِصَاحِبِهِ مَرْتَبَةَ الْجُنُونِ
فَالْجَوَابُ أَنَّ الْعِلاجَ الْكُلِّي فِي جَمِيعِ أَمْرَاضِ الْعِشْقِ الْحِمْيَةُ وَإِنَّمَا تَقَعُ الْحِمْيَةُ بِالْعَزْمِ الْجَازِمِ عَلَى هَجْرِ الْمَحْبُوبِ فَإِنْ حَصُلَتْ هَذِهِ الْحِمْيَةِ حَسُنَتِ الْمُعَالَجَةِ وَالْعِلاجِ حِينَئِذٍ يَقَعُ لِلظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ فَلْيَبْتَدِئَ الْمَرِيضُ بِاللُّجُوءِ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَلْيُكْثِرَ مِنَ الدُّعَاءِ فَإِنَّهُ مُضْطَرٌ وَهُوَ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ثُمَّ لِيَتَعَالَجَ فَإِنَّ الأَسْبَابَ لَا تُنَافِي التَّوَكُّلَ وَالدُّعَاءَ