ابْن سَعِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكَوْكَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الرَّبْعِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَتْ أُمُّ جَعْفَرٍ قَدْ رَبَّتْ جَارِيَةً وَأَدَّبَتْهَا وَكَانَتْ تَخْتَلِفُ فِي مُهِمِّ أُمُورِهَا إِلَى كُتَّابِهَا وَعُمَّالِهَا وَدِيوَانِهَا وَكَانَ لأُمِّ جَعْفَرٍ مَوْضِعٌ تُشْرِفُ مِنْهُ عَلَى الدِّيوَانِ تَرَى مَنْ فِيهِ حَيْثُ لَا يَرَوْنَهَا
فَقَالَتْ يَوْمًا لِجَارِيَتِهَا تِلْكَ يَا فُلانَةُ مَنْ أَحْسَنُ مَنْ فِي الدِّيوَانِ قَالَتْ فُلانٌ مَوْلاكِ
قَالَتْ كَيْفَ ذَاكَ وَهُنَاكَ فُلانٌ الْهَاشِمِيُّ وَفُلانٌ الْكَاتِبُ وَفُلانٌ وَفُلانٌ قَالَتْ هُوَ وَاللَّهِ أَحْسَنُ الْقَوْمِ لأَنِّي أُحِبُّهُ
قَالَتْ وَكَيْفَ عَلِمْتِ أَنَّهُ يُحِبُّكِ قَالَتْ لأَنَّنِي أَخْرُجُ إِلَى الدِّيوَانِ فِي أَمْرٍ مِنْ أُمُورِكِ فَإِذَا رَآنِي مُقْبِلَةً تَرَكَ عَمَلَهُ ثُمَّ لَا يَزَالُ نَاظِرًا إِلَيَّ حَتَّى أُوَلِّي ثُمَّ لَا يَزَالُ يَنْظُرُ إِلَيَّ مُوَلِّيَةً حَتَّى أَغِيبَ عَنْهُ فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يُحِبُّنِي فَأَحْبَبْتُهُ
قَالَتْ فَاذْهَبِي إِلَيْهِ السَّاعَةَ حَتَّى تُقَبِّلِيهِ قُبْلَةً عَلَى فَمِهِ
فَانْطَلَقَتْ فَلَمَّا رَآهَا مُقْبِلَةً أَلْقَى الْقِرْطَاسَ وَالْقَلَمَ مِنْ يَدِهِ ثُمَّ بُهِتَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا فَلَمَّا دَنَتْ مِنْهُ ظَنَّ أَنَّهَا جَاءَتْ بِرِسَالَةِ أُمِّ جَعْفَرٍ فَأَقْبَلَ عَلَيْهَا كَالْمُصْغِي إِلَيْهَا فَقَبَّلَتْهُ فَفَزِعَ لِذَلِكَ ثُمَّ ثَابَ إِلَيْهِ عَقْلُهُ وَعَلِمَ أَنَّهَا لَمْ تَفْعَلْ هَذَا إِلا عَنْ أَمْرٍ فَدَعَاهَا ثمَّ كتب رفْعَة فَقَالَ لَهَا ارْفَعِيهَا إِلَى أُمِّ جَعْفَرٍ فَإِذَا فِيهَا
قَدْ وَجَدْنَا طَعْمَ الْحَرَامِ لَذِيذًا ... فَأَذِيقِي مَوْلاكِ طَعْمَ الْحَلالِ
فَكَتَبَتْ أُمُّ جَعْفَرٍ فِي أَسْفَلِ رُقْعَتِهِ
لَيْسَ فِيهَا مَطْمَعٌ لِمُحِبٍّ ... إِنَّمَا نَقْتَنِي لِغَيْرِ الرِّجَالِ
فَيَئِسَ مِنْهَا
ثُمَّ أَمَرَتْ بِتَزْوِيجِهِ إِيَّاهَا وَأَمَرَتْ لَهُ بِثَلاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَحْسَنَتْ جِهَازَهَا