أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْحَرِيرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْفَتْحِ الْعُشَارِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ أَخِي مِيمِي قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الْخُلْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبُرْجُلانِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَشْرَسُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنِي الْجَزَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَلْقَمَةَ الْمَكِّيُّ قَالَ كَانَ عِنْدَنَا هَا هُنَا نَخَّاسٌ وَكَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ وَكَانَ يُوصَفُ مِنْ جِمَالِهَا وَكَمَالِهَا أَمْرٌ عَجِيبٌ وَكَانَ يُخْرِجُهَا أَيَّامَ الْمَوْسِمِ وَكَانَ يُبْذَلُ لَهُ فِيهَا الرَّغَائِبَ فَيَمْتَنِعُ عَنْ بَيْعِهَا وَيَطْلُبُ الزِّيَادَةَ فِي ثمنهَا
فَمَا زَالَ بذلك حينا وتسامع بهَا أهل الْأَمْصَار فَكَانُوا يحجون عمدا للنَّظَر إِلَيْهَا
قَالَ وَكَانَ عِنْدَنَا فَتًى مِنَ النُّسَّاكِ قَدْ نَزَعَ إِلَيْنَا مِنْ بَلَدِهِ وَكَانَ مُجَاوِرًا عِنْدَنَا فَرَأَى الْجَارِيَةَ يَوْمًا فِي أَيَّامِ الْعَرْضِ لَهَا فَوَقَعَتْ فِي نَفْسِهِ وَكَانَ يَجِيءُ طُولَ أَيَّامِ الْعَرْضِ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَيَنْصَرِفُ فَلَمَّا حُجِبَتْ أَحْزَنَهُ ذَلِكَ وَأَمْرَضَهُ مَرَضًا شَدِيدًا وَجَعَلَ يَذُوبُ جِسْمُهُ وَيَنْحُلُ وَاعْتَزَلَ النَّاسَ فَكَانَ يُقَاسِي الْبَلاءَ طُولَ سَنَتِهِ إِلَى أَيَّامِ الْمَوْسِمِ فَإِذَا خَرَجَتِ الْجَارِيَةُ إِلَى الْعَرْضِ خَرَجَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَسَكَنَ مَا بِهِ حَتَّى تُحْجَبُ
فَبَقِيَ عَلَى ذَلِكَ سِنِينَ يَنْحُلُ وَيَذُوبُ وَلَمْ أَزَلْ بِهِ وَأَلِحُّ عَلَيْهِ إِلَى أَنْ حَدَّثَنِي بِحَدِيثِهِ وَمَا يُقَاسِيهِ وَسَأَلَ أَنْ لَا أُذِيعَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلا يَسْمَعُ بِهِ أَحَدٌ
فَرَحِمْتُهُ لِمَا يُقَاسِي وَمَا صَارَ إِلَيْهِ فَدَخَلْتُ إِلَى مَوْلَى الْجَارِيَةِ وَلَمْ أَزَلْ أُحَادِثُهُ إِلَى أَنْ خَرَجَتُ إِلَيْهِ بِحَدِيثِ الْفَتَى وَمَا يُقَاسِي وَمَا صَارَ إِلَيْهِ وَأَنَّهُ صَارَ عَلَى حَالَةِ الْمَوْتِ