أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ الْعَامِرِيُّ عَنْ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ تَزَوَّجَ مَالِكُ بْنُ عَمْرٍو الْغَسَّانِيُّ بِنْتَ عَمِّ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ فَشُغِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ وَكَانَ مَالِكٌ شُجَاعًا مُسْبَعًا فَاشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُقَاتِلَ إِذَا لَقِيَ شَفَقًا عَلَيْهِ وَضَنًّا بِهِ وَإِنَّهُ غَزَا حَيًّا مِنْ لَخْمٍ فَبَاشَرَ الْقِتَالَ فَأَصَابَتْهُ جِرَاحٌ فَقَالَ وَهُوَ مُثْقَلٌ مِنْهَا
أَلا لَيْتَ شِعْرِي عَنْ غَزَالٍ تَرَكْتُهُ ... إِذَا مَا أَتَاهُ مَصْرَعِي كَيْفَ يَصْنَعُ
فَلَوْ أَنَّنِي كُنْتُ الْمُؤَخَّرَ بَعْدَهُ ... لَمَا بَرِحَتْ نَفْسِي عَلَيْهِ تَطْلُعُ
وَإِنَّهُ مَكَثَ يَوْمًا وَلَيْلَةً ثُمَّ مَاتَ مِنْ جِرَاحِهِ فَلَمَّا وَصَلَ خَبَرُهُ إِلَى زَوْجَتِهِ بَكَتْ سَنَةً ثُمَّ اعْتُقِلَ لِسَانُهَا فَامْتَنَعَتْ عَنِ الْكَلامِ وَكَثُرَ خُطَّابُهَا فَقَالَ عمومتها وولاة أمرهَا تزَوجهَا فَلَعَلَّ لِسَانَهَا يَنْطَلِقُ وَيَذَهَبُ حُزْنُهَا فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ النِّسَاءِ فَزَوَّجُوهَا بَعْضَ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ فَسَاقَ إِلَيْهَا أَلْفَ بَعِيرٍ فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي أُهْدِيَتْ إِلَيْهِ فِيهَا قَامَتْ عَلَى بَابِ الْقُبَّةِ فَقَالَتْ
يَقُولُ رِجَالٌ زَوِّجُوهَا لَعَلَّهَا ... تَقَرُّ وَتَرْضَى بَعْدَهُ بِحَلِيلِ
فَأَخْفَيْتُ فِي النَّفْسِ الَّتِي لَيْسَ بَعْدَهَا ... رَجَاءٌ لَهُمْ وَالصِّدْقُ أَفْضَلُ قِيلِ
أَبَعْدَ ابْنِ عَمِّي فَارِسِ الْقَوْمِ مَالِكٍ ... أُزَفُّ إِلَى بَعْلٍ بِهَضْبِ كَلِيلِ
وَحَدَّثَنِي أَصْحَابُهُ أَنَّ مَالِكًا ... أَقَامَ وَنَادَى صَحْبَهُ بِرَحِيلِ
وَحَدَّثَنِي أَصْحَابُهُ أَنَّ مَالِكًا ... ضَرُوبٌ بِنَصْلِ السَّيْفِ غَيْرُ نَكُولِ
وَحَدَّثَنِي أَصْحَابُهُ أَنَّ مَالِكًا ... جَوَادٌ بِمَا فِي الرَّحْلِ غَيْرُ بَخِيلِ
وَحَدَّثَنِي أَصْحَابُهُ أَنَّ مَالِكًا ... خَفِيفٌ عَلَى الْحَدَّاثِ غَيْرُ ثَقِيلِ
وَحَدَّثَنِي أَصْحَابُهُ أَنَّ مَالِكًا ... صَرُومٌ كَمَاضِي الشَّفْرَتَيْنِ صَقِيلِ