رَجَاءَ الثَّوَابِ وَحُسْنِ الْجَزَاءِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُلْقِيَ إِلَيْكَ أَمْرًا لَسْتُ أُحِبُّ فِيهِ مُفَارَقَةَ الْحَقِّ فَإِنِّي رَأَيْتُ كُلَّ بَاطِلٍ عِنْدَ الْحَقِّ مُضْمَحِلًّا وَكُلَّ أَمْرٍ يَدْعُو إِلَى ضَرَرٍ فِي الآخِرَةِ فَاسِدًا
فَقَالَ قُولِي أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ مَا بَدَا لَكِ أَنْ تَقُولِي وَدَعِي الإِكْثَارَ فَإِنَّ النَّهَارَ يَمْضِي وَالسَّاعَاتِ تُحْصَى
قَالَ فَأَقْرَأَتْهُ الشِّعْرَ وَأَخْبَرَتْهُ بِحَالِهَا فَقَالَ أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ إِنَّ لِلَّهِ مِحَنًا يَمْتَحِنُ بِهَا عِبَادَهُ وَأَوْلِيَاءَهُ وَأَحِبَّاءَهُ لِيَنْظُرَ كَيْفَ طَاعَتُهُمْ لَهُ وَكَيْفَ إِيثَارُهُمْ إِيَّاهُ عِنْدَ اجْتِمَاعِ شَهَوَاتِ قُلُوبِهِمْ وَمَا أَظُنُّ إِلا أَنَّ اللَّهَ ابْتَلانِي بِمَا ذَكَرْتِ مِنْ أَمْرِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ لِيَمْتَحِنَنِي وَوَاللَّه مَالِي طَاقَةٌ بِمِحَنِ رَبِّي إِنْ لَمْ يُوَفِّقْنِي وَيُثَبِّتْنِي وَاللَّهِ لَمُفَارَقَةُ الأَحِبَّةِ فِي مَرْضَاتِهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الْمُقَامِ مَعَهُمْ وَالاشْتِغَالِ بِمَا يَقْطَعُنِي عَنْ خِدْمَتِهِ وَالتَّحَبُّبِ إِلَيْهِ فَأَبْلِغِيهَا عَنِّي السَّلامَ وَقُولِي لَهَا قَدْ سَمِعْتُ دَعَوْاكِ وَمَا ذَكَرْتِ وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَنَا بِرَاضٍ عَنْ نَفْسِي فِي خِدْمَةِ مَنْ إِلَيْهِ فَقْرِي وَحَاجَتِي فَكَيْفَ إِذَا عَلِقْتُهَا بِبَلاءٍ لَا يُمْكِنُنِي التَّخَلُصَ مِنْهُ
قَالَ فَخَرَجَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ عِنْدِهِ فَأَتَتْهَا وَأَخَبْرَتْهَا بِمَقَالَتِهِ فَجَعَلَتْ تَبْكِي ثُمَّ قَالَتْ لَهَا فَكَيْفَ كَانَ إِنْصَاتُهُ لِكَلامِكِ حِينَ أَنْشَدْتِهِ الشِّعْرَ قَالَتْ يَا أُخْتَاهُ رَأَيْتُ رَجُلا مُزْوَرًّا مُسْتَوْقِرًا كَأَنَّهُ قَدْ نَصَبَ الآخِرَةَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ فَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا فَأَبْقِي عَلَى نَفْسِكِ وَلا تُهْلِكِيهَا فَتَنْدَمِي حِينَ لَا تُغْنِي النَّدَامَةُ
قَالَ فَلَزِمَتْ مَنْزِلَهَا وَقَالَتْ وَاللَّهِ لَا أَخْرُجُ مِنْهُ إِلَى مَوْضِعٍ أَبَدًا وَلأَجْعَلَنَّهُ قَبْرِي أَيَّامَ حَيَاتِي
قَالَ ثُمَّ لَزِمَتِ الصَّلاةَ فَكَانَتْ لَا تَهْتَدِي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ مِنَ الصَّلاةِ فَكَانُوا يَسْمَعُونَهَا فَكَانَتْ تَبْكِي بُكَاءً شَدِيدًا فَقِيلَ لَهَا فِي ذَلِكَ
فَقَالَتْ