فَقَالَ الشَّيْخُ أَرْخِينَ عَلَيْكُنَّ الْخِبَاءَ فَوَاللَّهِ لَا يُفْلِحُ هَذَا أَبَدًا
أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى بْنِ الْمُقَتْدِرَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الصَّوْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْغَلابِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا حَضَرَتِ الْوَفَاةُ جَمِيلا بِمِصْرَ قَالَ مَنْ يُعْلِمُ لِي بُثَيْنَةَ فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا فَلَمَّا مَاتَ صَارَ إِلَى حَيِّ بُثَيْنَةَ فَقَالَ
بَكَرَ النَّعْيُ وَمَا كَنَى بِجَمِيلِ ... وَثَوَى بِمِصْرَ ثَوَاءَ غَيْرِ قُفُولِ
بَكَرَ النَّعِيُّ بِفَارِسٍ ذِي هِمَّةٍ ... بَطَلٍ إِذَا حَمَلَ اللِّوَاءَ مُدِيلِ
فَسَمِعَتْ بُثَيْنَةَ فَخَرَجَتْ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ تَقُولُ
وَإِنَّ سُلُوِّيَ عَنْ جَمِيلٍ لَسَاعَةٌ ... مِنَ الدَّهْرِ مَا حَانَتْ وَلا حَانَ حِينُهَا
سَوَاءٌ عَلَيْنَا يَا جَمِيلُ بْنُ مُعَمَّرٍ ... إِذَا مِتَّ بَأْسَاءُ الْحَيَاةِ وَلِينُهَا
وَبَلَغَنَا مِنْ طُرِقٍ أُخْرَى عَنْ جَمِيلٍ أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ
مَنْ يَأْخُذُ نَاقَتِي وَمَا عَلَيْهَا وَيَأْتِي مَاءَ بَنِي فُلانٍ وَيَنْشُدُ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ
بَكَرَ النَّعْيُ وَمَا كَنَى بِجَمِيلِ ... وَثَوَى بِمِصْرَ ثَوَاءَ غَيْرِ قُفُولِ
غَدَرَ الزَّمَانُ بِفَارِسٍ ذِي هِمَّةٍ ... ثَبْتٍ إِذَا حَمَلَ اللِّوَاءَ نَزُولِ
فَلَمَّا قَضَى حَيَاتَهُ أَتَى الرَّجُلُ الْمَاءَ فَأَنْشَدَ الْبَيْتَيْنِ فَخَرَجَتْ بُثَيْنَةُ نَاشِرَةً شَعْرَهَا شَاقَةً جَيْبَهَا لاطِمَةً خدها وَهِي تَقول يَا أَيهَا النَّاعِي بِفِيكَ الْحَجَرُ