حَجَّاجُ أَنْتَ الَّذِي مَا فَوْقَهُ أَحَدُ ... إِلا الخْلَيِفةُ واَلْمُسْتَغْفَرُ الصَّمَدُ
حَجَّاجُ أَنْتَ شِهَابُ الْحَرْبِ إِذْ لفحت ... وَأَنت للنَّاس نجم فِي الدجا يَقِدُ ثُمَّ أَقْبَلَ الْحَجَّاجُ عَلَى جُلَسَائِهِ فَقَالَ أَتَدْرُونَ مَنْ هَذِهِ قَالُوا لاوالله يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِلا أَنَّا لَمْ نَرَ امْرَأَةً قَطُّ أَفْصَحَ لِسَانًا وَلا أَحْسَنَ مُحَاوَرَةً وَلا أَمْلَحَ وَجْهًا وَلا أَرْصَنَ شِعْرًا مِنْهَا فَقَالَ هَذِهِ لَيْلَى الأَخْيَلِيَّةُ الَّتِي مَاتَ تَوْبَةُ الْخَفَاجِيُّ مِنْ حُبِّهَا
ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْهَا فَقَالَ أَنْشِدِينَا يَا لَيْلَى بَعْضَ مَا قَالَ فِيكِ تَوْبَةُ
فَقَالَتْ نَعَمْ أَيُّهَا الأَمِيرُ هُوَ الَّذِي يَقُولُ
وَهَلْ تَبْكِينِ لَيْلَى إِذَا مِتُّ قَبْلَهَا ... وَقَامَ عَلَى قَبْرِي النِّسَاءُ النَّوَائِحُ
كَمَا لَوْ أَصَابَ الْمَوْتُ لَيْلَى بَكَيْتُهَا ... وَجَادَ لَهَا دَمْعٌ مِنَ الْعَيْنِ سَافِحُ
وَأُغْبِطَ مِنْ لَيْلَى بِمَا لَا أَنَالُهُ ... بَلَى كُلُّ مَا قَرَّتْ بِهِ الْعَيْنُ صَالِحُ
وَلَوْ أَنَّ لَيْلَى الأَخْيَلِيَّةَ سَلَّمَتْ ... عَلَيَّ وَدُونِي تُرْبَةٌ وَصَفَائِحُ
لَسَلَّمْتُ تَسْلِيمَ الْبَشَاشَةِ أَوْ زَقَا ... إِلَيْهَا صَدَى مِنْ جَانِبِ الْقَبْرِ صَائِحُ
فَقَالَ لَهَا زِيدِينَا مِنْ شِعْرِهِ فَقَالَتْ وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ
حَمَامَةُ بَطْنِ الْوَادِيَيْنِ تَرَنَّمِي ... سَقَاكِ مِنَ الْغُرِّ الْغَوَادِي مَطِيرُهَا
أَبِينِي لَنَا لَا زَالَ رِيشُكِ نَاعِمًا ... وَلا زِلْتِ فِي خَضَرَاءَ غَضٍّ نَضِيرُهَا
وَأُشْرِفُ بِالْقُورِ الْيَفَاعِ لَعَلَّنِي ... أَرَى نَارَ لَيْلَى أَوْ يَرَانِي بَصِيرُهَا