كُنْتُ أَدْخُلُ مَعَ عَنْبَسَةَ بْنِ سَعِيدٍ إِذَا دَخَلَ عَلَى الْحَجَّاجِ فَدَخَلَ يَوْمًا فَدَخَلْتُ إِلَيْهِمَا وَلَيْسَ عِنْدَ الْحَجَّاجِ غَيْرَ عَنْبَسَةَ فَقَعَدْتُ فَجَاءَ الْحَاجِبُ فَقَالَ امْرَأَةٌ بِالْبَابِ فَقَالَ الْحَجَّاجُ أَدْخِلْهَا فَدَخَلْتُ فَلَمَّا رَآهَا الْحَجَّاجُ طَأْطَأَ رَأْسَهُ
فَجَاءَتْ حَتَّى قَعَدَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَإِذَا هِيَ امْرَأَةٌ قَدْ أَسَنَّتْ حَسَنَةُ الْخَلْقِ وَمَعَهَا جَارِيتَانِ لَهَا وَإِذَا هِيَ لَيْلَى الأَخْيَلِيَّةُ
فَسَأَلَهَا الْحَجَّاجُ عَنْ نَسَبِهَا فَانْتَسَبَتْ لَهُ فَقَالَ يَا لَيْلَى مَا أَتَانِي بِكِ
قَالَتْ إِخْلافُ النُّجُومِ وَقِلَّةُ الْغُيُومِ وَكَلَبُ الْبَرْدِ وَشِدَّةُ الْجَهْدِ وَكُنْتَ بَعْدَ اللَّهِ الرِّفْدَ
فَقَالَ لَهَا صِفِي الْفِجَاجَ
فَقَالَتْ الْفِجَاجُ مُغْبَرَّةٌ وَالأَرْضُ مُقْشَعِرَّةٌ وَالْمَبْرَكُ مُعْتَلٌّ وَذُو الْعِيَالِ مُخْتَلٌّ وَالْهَالِكُ الْمُقِلُّ وَالنَّاسُ مُسْنِتُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ يَرْجُونَ وَأَصَابَتْنَا سِنُونَ مُجْحَفَةٌ مُبْلِطَةٌ لَمْ تَدَعْ لَنَا هُبَعًا وَلا رُبَعًا وَلا عَافِطَةً وَلا نَافِطَةً أَذْهَبَتِ الأَمْوَالَ وَفَرَّقَتِ الرِّجَالَ وَأَهْلَكَتِ الْعِيَالَ
ثُمَّ قَالَتْ إِنِّي قَدْ قُلْتُ فِي الأَمِيرِ قَوْلا قَالَ هَاتِ فَأَنْشَأَتْ تَقُولُ
أَحَجَّاجُ لَا يُفْلَلْ سِلاحُكَ إِنَّمَا الْمَنَايَا بِكَفِّ اللَّهِ حَيْثُ يَرَاهَا ...