أَصْحَابِنَا قَالَ بَشَّارٌ مَا كُنَّا نَعُدُّ هَذَا الْغُلامَ مِنَ الشُّعَرَاءِ يَعْنِي الْعَبَّاسَ بْنَ الأَحْنَفِ حَتَّى قَالَ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ
نَزَفَ الْبُكَاءُ دُمُوعَ عَيْنِكَ فَالْتَمِسْ ... عَيْنًا لِغَيْرِكَ دَمْعُهَا مِدْرَارُ
مَنْ ذَا يُعِيرُكَ عَيْنَهُ تَبْكِي بِهَا ... يَا مَنْ لِعَيْنٍ لِلْبُكَاءِ تُعَارُ
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ أَنْشَدَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْزُبَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الصَّوْلِيُّ لِلْعَبَّاسِ بْنِ الأَحْنَفِ
بَرَغْمِي أُطِيلُ الصَّدَّ عَنْكِ وَأَبْتَلِي ... بِهَجْرِكِ قَلْبًا لَمْ يَزَلْ مِنْكِ مُتْعَبَا
وَمَا أَنَا فِي صَدِّي بِأَوَّلِ ذِي هَوَى ... رَأَى بَعْضَ مَالا يَشْتَهِي فَتَجَنَّبَا
تَجَنَّبَ يَرْتَادُ السُّلُّوَ فَلَمْ يَجِدْ ... لَهُ عَنْكِ فِي الأَرْضِ الْبَعِيدَةِ مَذْهَبَا
قَالَ ابْنُ الْمَرْزُبَانِ وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبِي قَالَ مِنْ بَارِعِ شِعْرِ الْعَبَّاسِ بْنِ الأَحْنَفِ قَوْلُهُ
قَدْ رَقَّ أَعْدَائِي لِمَا حَلَّ بِي ... فَلَيْتَ أَحْبَابِي كَأَعْدَائِي
أَمَّلْتُ بِالْهُجْرَانِ لِي رَاحَةً ... مِنْ جَمَرَاتٍ بَيْنَ أَحْشَائِي
فَازْدَادَ جَهْدِي وَبَلائِي بِهَا ... أَنَا الَّذِي اسْتَشْفَيْتُ بِالدَّاءِ
قَالَ وَقَوْلُهُ
يَا ذَا الَّذِي أَنْكَرَنِي طَرْفُهُ ... أَنْ ذَابَ جِسْمِي وَعَلانِي شُحُوبْ
مَا مَسَّنِي ضُرٌّ وَلَكِنَّنِي ... جَفَوْتُ نَفْسِيَ إِذْ جَفَانِي الْحَبِيبْ