عِنْدَ كَسْرِ الْبَيْتِ وَإِذَا شَابٌّ نَائِم فِي ظلّ الْبَيْت فملا دَنَوْتُ سَلَّمْتُ فَتَرَنَّمَ بِصَوْتٍ لَهُ ضَعِيفٍ فَقَالَ
جَعَلْتُ لِعَرَّافِ الْيَمَامَةِ حكمه ... وعراف نجد إِن هما شَفَيَانِي
فَقَالا نَعَمْ نُشْفِي مِنَ الدَّاءِ كُلِّهِ ... وَقَامَا مَعَ الْعُوَّادِ يَبْتَدِرَانِ
نَعَمْ وَبَلَى قَالا مَتَى أَنْتَ هَكَذَا ... لِيَسْتَخْبِرَانِي قُلْتُ مِنْذُ زَمَانٍ
فَمَا تَرَكَا مِنْ رُقْيَةٍ يعْلَمَانِهَا ... وَلا سَلْوَةٍ إِلا بِهَا سَقَيَانِي
فَقَالا شَفَاكَ اللَّهُ وَاللَّهِ مَا لنا ... بِمَا ضمنت مِنْك الضُّلُوعُ يَدَانِ
ثُمَّ شَهَِقَ شَهْقَةً خَفِيفَةً فَنَظَرْتُ فَإِذَا هُوَ قَدْ مَاتَ فَقُلْتُ أَيَّتُهَا الْعَجُوزُ مَا أَظُنُّ هَذَا النَّائِمَ بِفِنَاءِ بَيْتِكِ إِلا قَدْ مَاتَ
قَالَتْ وَاللَّهِ أَظُنُّ ذَلِكَ فَقَامَتْ فَنَظَرَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ قَاضَ وَرَبِّ مُحَمَّدٍ فَقُلْتُ يَا أَمَةَ اللَّهِ مَنْ هَذَا قَالَتْ عُرْوَةُ بْنُ حُزَامٍ الْعُذْرِيُّ وَأَنَا أُمُّهُ قُلْتُ وَمَا صَيَّرَهُ إِلَى هَذَا قَالَتْ الْعِشْقُ لَا وَاللَّهِ مَا سَمِعْتُ كَلامَهُ مُنْذُ سَنَةٍ إِلا فِي صَدْرِ يَوْمِنَا هَذَا فَإِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ
مَنْ كَانَ مِنْ أُمَّهَاتِي بَاكِيًا أَبَدًا ... فَالْيَوْمَ إِنِّي أَرَانِي الْيَوْمَ مَقْبُوضَا
تسمعننيه فَإِنِّي غَيْرُ سَامِعِهِ ... إِذَا عَلَوْتُ رِقَابَ الْقَوْمِ مَعْرُوضَا
قَالَ النُّعْمَانُ فَأَقَمْتُ وَاللَّهِ عَلَيْهِ حَتَّى غُسِّلَ وَكُفِّنَ وَحُنِّطَ وَصُلَّى عَلَيْهِ وَدُفِنَ قَالَ قُلْتُ لِلْنُعْمَانِ فَمَا دَعَاكَ إِلَى ذَلِك قَالَ احتساب الْأجر وَاللَّهِ فِيهِ
وَقَدْ رَوَى هِشَامُ بن مُحَمَّد السَّائِب عَنْ أَبِي مِسْكِينٍ أَنَّ عَفْرَاءَ لَمَّا بَلَغَهَا وَفَاةُ عُرْوَةَ قَالَتْ لِزَوْجِهَا يَاهَنَاهُ قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِ هَذَا الرَّجُلِ مَا بَلَغَكَ وَاللَّهِ مَا كَانَ ذَلِكَ إِلا عَلَى الْحَسَنِ الْجَمِيلِ وَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ قَدْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ إِلَى أَرْضِهِ