الأَزْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْمَأْمُونِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْهَاشِمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُقَدَّمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد ابْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى الأَنْصَارِ قَالَ حَدَّثَنَا الأَصْمَعِيُّ قَالَ قَالَ لِي الرَّشِيدُ أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَ حَدِيثًا أَتَفَرَّجُ بِهِ فَحَدِّثْنِي بِشَيْءٍ
فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ صَاحِبٌ لَنَا فِي بَدْوِ بَنِي فُلانٍ كُنْتُ أَغْشَاهُ وَأَتَحَدَّثُ إِلَيْهِ وَقَدْ أَتَتْ عَلَيْهِ سِتَّةٌ وَتِسْعُونَ سَنَةُ أَصَحَّ النَّاسِ ذِهْنًا وَأَجْوَدَهُمْ أَكْلا وَأَقْوَاهُمْ بَدَنًا فَغَبَرْتُ عَنْهُ زَمَانًا ثُمَّ قَصَدْتُهُ فَوَجَدْتُهُ نَاحِلَ الْبَدَنِ كَاسِفَ الْبَالِ مُتَغَيِّرَ الْحَالِ فَقُلْتُ مَا شَأْنُكَ أَصَابَتْكَ مُصِيبَةٌ قَالَ لَا
قُلْتُ أَفَمَرَضٌ عَرَاكَ قَالَ لَا
قُلْتُ فَمَا سَبَبُ هَذَا الَّذِي أَرَاهُ بِكَ
قَالَ قَصَدْتُ بَعْضَ الْقَرَابَةِ فِي حَيِّ بَنِي فُلانٍ فَأَلْفَيْتُ عِنْدَهُمْ جَارِيَةً قَدْ لاثَتْ رَأْسُهَا وَعَلَيْهَا قَمِيصٌ وَقِنَاعٌ مَصْبُوغَانِ وَفِي عُنُقِهَا طَبْلٌ تُوقِعُ عَلَيْهِ وَتَنْشُدُ
مَحَاسِنُهَا سِهَامٌ لِلْمَنَايَا ... مُرَيَّشَةٌ بِأَنْوَاعِ الْخُطُوبِ
بَرَى رَيْبُ الْمَنُونِ لَهُنَّ سَهْمًا ... يُصِيبُ بِنَصْلِهِ مُهَجَ الْقُلُوبِ فَأَجَبْتُهَا
قِفِي شَفَتَيَّ فِي مَوْضِعِ الطَّبْلِ تَرْتَقِي ... كَمَا قَدْ أَبَحْتِ الطَّبْلَ فِي جِيدِكِ الْحَسَنْ
هَبِينِي عُودًا أَجْوَفًا تَحْتَ شَنَّةٍ ... تَمَتَّعَ فِيمَا بَيْنَ نَحْرِكِ وَالذَّقَنْ
فَلَمَّا سَمِعَتِ الشِّعْرَ مِنِّي نَزَعَتِ الطَّبْلَ فَرَمَتْ بِهِ فِي وَجْهِي وَبَادَرَتْ إِلَى الْخِبَاءِ فَدَخَلَتْ
فَلَمْ أَزَلْ وَاقِفًا إِلَى أَنْ حَمِيَتِ الشَّمْسُ عَلَى مَفْرِقِ رَأْسِي لَا تخرج إِلَيّ وَلَا ترجع إل جَوَابًا فَقُلْتُ أَنَا وَاللَّهِ مَعَهَا كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ
فَوَاللَّهِ يَا سَلْمَى لَطَالَ إِقَامَتِي ... عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ يَا سُلَيْمَى أُرَاقِبُهُ