فَقَالَ لَهُ الرَّشِيدُ وَقَدْ سَمِعَ بِشِعْرِهِ وَيْلَكَ مِنْ مَرْيَمِكَ هَذِهِ الَّتِي قَدْ وَصَفْتَهَا صِفَةَ حُورِ الْعِينِ قَالَ زَوْجَتِي فَوَصَفَهَا كَلامًا أَضْعَافَ مَا وَصَفَهَا شِعْرًا فَأَرْسَلَ الرَّشِيدُ إِلَى الْحِجَازِ حَتَّى حُمِلَتْ فَإِذَا هِيَ سَوْدَاءُ طُمْطُمَانِيَّةٌ ذَاتُ مَشَافِرٍ فَقَالَ لَهُ وَيْلَكَ هَذِهِ مَرْيَمُ الَّتِي مَلأَتَ الدُّنْيَا بِذِكْرِهَا عَلَيْكَ وَعَلَيْهَا لَعْنَةُ اللَّهِ فَقَالَ يَا سَيِّدِي إِنَّ عُمَرَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ يَقُولُ
فَتَضَاحَكْنَ وَقَدْ قُلْنَ لَهَا ... حَسَنٌ فِي كُلِّ عَيْنٍ مَا تَوَدُّ
أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ السَّرَّاجِ قَالَ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَلالُ قَالَ أَنْشَدَنَا يَحْيَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى الْمَعْمَرِيُّ قَالَ أَنْشَدَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصُّوفِيُّ قَالَ أَنْشَدَنِي بَعْضُ إِخْوَانِي لأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ الْفَقِيهِ
حَمَلْتُ جِبَالَ الْحُبِّ فِيكِ وَإِنَّنِي ... لأَعْجَزُ عَنْ حَمْلِ الْقَمِيصِ وَأَضْعَفُ
وَمَا الْحُبُّ مِنْ حُسْنٍ وَلا مِنْ سَمَاحَةٍ ... وَلَكِنَّهُ شَيْءٌ بِهِ النَّفْسُ تَكَلَّفُ
تُوجِبُ رُؤْيَتُهُ مَحَبَّتَهُ فَيُدِيمُ النَّظَرَ وَالْمُخَالَطَةَ فَيَقَعُ فِيمَا لَمْ يَكُنْ فِي حِسَابِهِ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ
تَوَلَّعَ بِالْعِشْقِ حَتَّى عَشِقْ ... فَلَمَّا اسْتَقَلَّ بِهِ لَمْ يُطِقْ
رَأَى لُجَّةً ظَنَّهَا مَوْجَةً ... فَلَمَّا تَمَكَّنَ مِنْهَا غَرِقْ
وَفِي النَّاسِ مَنْ تُوجِبُ لَهُ الرُّؤْيَةُ نَوْعَ مَحَبَّةٍ فَيُعْرِضُ عَنِ الْمَحْبُوبِ فَيَزُولُ ذَلِكَ فَإِنْ دَاوَمَ النَّظَرَ نَمَتْ كَالْجَنَّةِ إِذَا زُرِعَتْ فَإِنَّهَا إِنْ أُهْمِلَتْ يَبَسَتْ وَإِنْ سُقِيَتْ نَمَتْ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَزَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ