وَإِذَا كَانَ سَبَبُ الْعِشْقِ اتِّفَاقًا فِي الطِّبَاعِ بَطَلَ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ الْعِشْقَ لَا يَكُونُ إِلا لِلأَشْيَاءِ الْمُسْتَحْسَنَةِ وَإِنَّمَا يَكُونُ الْعِشْقُ لِنَوْعٍ مُنَاسَبَةٍ وَمُلاءَمَةٍ ثُمَّ قَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ حَسَنًا عِنْدَ شَخْصٍ غَيْرَ حَسَنٍ عِنْدَ آخَرَ أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ ابْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمَرْزُبَانِ إِذْنًا وَحَدَّثَنَا عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ حُرَيْثٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْقُرَشِيُّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَانَ أَدِيبًا ظَرِيفًا طَلابَةً لِلأَدَبِ وَالْمُلْحِ قَالَ كُنْتُ يَوْمًا فِي مَجْلِسِ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ بِالْمَدِينَةِ وَمَعَنَا قَيْنَةً ظَرِيفَةً حَسَنَةَ الصُّورَةِ لَهَا حُسْنٌ فَائِقٌ وَجَمَالٌ رَائِقٌ وَمَعَنَا فَتًى مِنْ أَقْبَحِ مَنْ رَأَتْهُ الْعَيْنُ وَأَحْمَقُهُ وَأَغْبَاهُ وَالْقَيْنَةُ مُقْبِلَةٌ عَلَيْهِ بِحَدِيثِهَا وَغِنَائِهَا فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ عَلَيْنَا فَتًى أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا وَأَسْرَاهُ ثَوْبًا وَأَطْيَبَهُ رِيحًا فَأَقْبَلَ عَلَيَّ صَاحِبُ الْبَيْتِ فَقَالَ لِي إِنَّ فِي أَمْرِ هَذَيْنِ لَعَجَبًا قُلْتُ وَمَا ذَاكَ قَالَ هَذِهِ الْجَارِيَةُ تُحِبُّ هَذَا يَعْنِي الْقَبِيحَ الْوَجْهِ وَلَيْسَ لَهَا فِي قَلْبِهِ مَحَبَّةٌ وَهَذَا الْحَسَنُ الْوَجْهِ يُحِبُّهَا وَلَيْسَ لَهُ فِي قَلْبِهَا مَحَبَّةٌ
فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى شَرَابِنَا إِذْ سُرَّ الْفَتَى الْحَسَنُ الْوَجْهَ
فَتَغَنَّى بِيَدِ الَّذِي شَغَفَ الْفُؤَادَ بِكُمْ ... فَرَجُ الَّذِي أَلْقَى مِنَ السُّقْمِ
فَاسْتَيْقِنِي أَنْ قَدْ كَلِفْتُ بِكُمْ ... ثُمَّ افْعَلِي مَا شِئْتِ عَنْ عِلْمِ
فَأَقْبَلَتْ عَلَيْهِ فَقَالَتْ قَدْ عَلِمْنَا ذَلِكَ فَمَهْ
ثُمَّ تَرَكَتْهُ وَأَقْبَلَتْ عَلَى الْقَبِيحِ فَلَبِثْنَا سَاعَةً فَغَنَّى الْفَتَى أَيْضًا
أَلا لَيْتَنِي أَعْمَى أَصَمَّ تَقُودُنِي ... بُثَيْنَةُ لَا يَخْفَى عَلَيَّ كَلامُهَا
قَالَ فَقَالَتْ اللَّهُمَّ اعْطِ عَبْدَكَ مَا سَأَلَ فَغَاظَتْنِي جِدًّا وَلَمْ أَصْبِرْ فَقُلْتُ