ذَكَرَ حُكَمَاءُ الأَوَائِلِ أَنَّ النُّفُوسَ ثَلاثٌ نَفْسٌ نَاطِقَةٌ وَمَحَبَّتُهَا مُنْصَرِفَةٌ إِلَى الْمَعَارِفِ وَاكْتِسَابِ الْفَضَائِلِ
وَنَفْسٌ حَيَوَانِيَّةٌ عَصَبِيَّةٌ فَمَحَبَّتُهَا مُنْصَرِفَةٌ نَحْوَ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ وَالرِّيَاسَةِ
وَنَفْسٌ شَهْوَانِيَّةٌ فَمَحَبَّتُهَا مُنْصَرِفَةٌ إِلَى الْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ وَالْمَنَاكِحِ
وَنَحْنُ الآنَ مُبْتَدِئُونَ لِنَشْرَحَ عِشْقَ هَذِهِ النَّفْسِ الشَّهْوَانِيَّةِ فَنَقُولُ سَبَبُ الْعِشْقِ مُصَادَفَةُ النَّفْسِ مَا يُلائِمُ طَبْعَهَا فَتَسْتَحْسِنُهُ وَتَمِيلُ إِلَيْهِ وَأَكْثَرُ أَسْبَابِ الْمُصَادَفَةِ النَّظَرُ وَلا يَكُونُ ذَلِكَ بِاللَّمْحِ بَلْ بِالتَّثَبُّتِ فِي النَّظَرِ وَمُعَاوَدَتُهُ فَإِذَا غَابَ الْمَحْبُوبُ عَنِ الْعَيْنِ طَلَبَتْهُ النَّفْسُ وَرَامَتِ الْقُرْبَ مِنْهُ ثُمَّ تَمَنَّتِ الاسْتِمْتَاعَ بِهِ فَيَصِيرُ فِكْرُهَا فِيهِ وَتَصْوِيرُهَا إِيَّاهُ فِي الْغَيْبَةِ حَاضِرًا وَشُغْلُهَا كُلُّهُ بِهِ فَيَتَجَدَّدُ مِنْ ذَلِكَ أَمْرَاضٌ لانْصِرَافِ الْفِكْرِ إِلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى وَكُلَّمَا قَوِيَتِ الشَّهْوَةُ الْبَدَنِيَّةُ قَوِيَ الْفِكْرُ فِي ذَلِكَ
نُقُوشَ صُوَّرٍ فَتَتَخَمَّرَ خَمِيرَةَ صُورَةٍ مَوْصُوفَةٍ ثُمَّ يُصَادِفُ النَّظَرُ مُسْتَحْسَنًا فَتَتَعَلَّقُ النَّفْسُ بِمَا كَانَتْ تَطْلُبُهُ حَالَةَ الْوَصْفِ