بَعْدَهُ التَّتَيُّمَ فَيُدْعَى مُتَيَّمًا وَالتَّتَيُّمُ نِهَايَةُ الْهَوَى وَآخِرُ الْعِشْقِ
وَمِنَ التَّتَيُّمِ يَكُونُ الدَّاءُ الدَّوِيُّ وَالْجُنُونُ الشَّاغِلُ
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ أَوَّلُ الْحُبِّ الْعَلاقَةُ وَهُوَ شَيْءٌ يُحْدِثُهُ النَّظَرُ أَوِ السَّمْعُ فَيَخْطُرُ بِالْبَالِ وَيَعْرِضُ لِلْفِكْرِ وَيَرْتَاحُ لَهُ الْقَلْبُ ثُمَّ يُنَمَّى بِالطَّبْعِ وَاللُّجَاجِ وَإِدْمَانِ الذِّكْرِ ثُمَّ يَقْوَى فَيَصِيرُ حُبًّا ثُمَّ يَصِيرُ هَوًى ثُمَّ خُلَّةً ثُمَّ عِشْقًا ثُمَّ وَلَهًا فَيُسَمَّى صَاحِبُهُ مُدَلَّهًا وَمُسْتَهَامًا وَمُسْتَهْتِرًا وَهَائِمًا وَحَيَرَانَ ثُمَّ يَصِيرُ تَتَيُّمًا وَهُوَ أَرْفَعُ مَنَازِلِ الْحُبِّ لأَنَّ التَّتَيُّمَ التَّعَبُّدُ وَالْوَجْدَ أَلَمُ الْحُبِّ وَالْهَيَمَانَ الذِّهَابُ فِي طَلَبِ غَرَضٍ لَا غَايَةَ لَهُ وَالْكَلَفُ وَالشَّغَفُ اللَّهَجُ بِطَلِبِ الْغَرَضِ
قَالَ الْفَرَّاءُ اللَّوْعَةُ حُرْقَةُ الْقَلْبِ مِنَ الْحُبِّ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلامٍ الْعَلاقَةُ الْحُبُّ الْمُلازِمُ لِلْقَلْبِ وَالْجَوَى الْهَوَى الْبَاطِنُ وَاللَّوْعَةُ حُرْقَةُ الْهَوَى وَالَّلاعِجُ الْهَوَى الْمُحْرِقُ وَالشَّغَفُ أَنْ يَبْلُغَ الْحُبُّ شَغَافَ الْقَلْبِ وَهُوَ جِلْدٌ دُونَهُ وَالتَّتَيُّمُ أَنْ يَسْتَعْبِدَهُ الْهَوَى وَمِنْهُ تَيْمُ اللَّهِ وَرَجُلٌ مُتَيَّمٌ وَالتَّبْلُ أَنْ يُسْقِمَهُ الْهَوَى يُقَالُ رَجُلٌ مَتْبُولٌ وَالتَّدْلِيهُ ذِهَابُ الْعَقْلِ مِنَ الْهَوَى يُقَالُ مُدَلَّهٌ وَالْهُيُومُ أَنْ يَذْهَبَ عَلَى وَجْهِهِ وَالشَّغَفُ إِحْرَاقُ الْحُبِّ الْقَلْبَ مَعَ لَذَّةٍ يَجِدُهَا وَهُوَ شَبِيهٌ بِاللَّوْعَةِ
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الأَنْبَارِيِّ وَيُقَالُ اسْتَهْتَرَ الرَّجُلُ بِكَذَا إِذَا ذَهَبَ عَقْلُهُ فِيهِ وَانْصَرَفَتْ هِمَّتُهُ إِلَيْهِ
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عَرَفَةَ الإِرَادَةُ قَبْلَ الْمَحَبَّةِ ثُمَّ الْمَحَبَّةُ ثُمَّ الْهَوَى ثُمَّ الْعِشْقُ ثُمَّ التَّتَيُّمُ وَأَنْشَدَ لِنَفْسِهِ
يَا لَقَوْمٍ كَمْ يُعْذَلُ الْمُشْتَاقُ ... وَالْمُعَنَّى إِلَى الْهَوَى يَنْسَاقُ
رَحْمَتِي رَأْفَةٌ وَحُبِّيَ عِشْقٌ ... وَاشْتِيَاقِي صَبَابَةٌ لَا تُطَاقُ