ذم الهوي (صفحة 236)

فَالنَّفْسُ تَرْتَاحُ نَحْوَ الظُّلْمِ جَاهِلَةً ... وَالْقَلْبُ مِنِّي سَلِيمٌ مَا يُوَاتِيهَا

وَاللَّهِ لَوْ قِيلَ لِي تَأْتِي بِفَاحِشَةٍ ... وَأَنَّ عُقْبَاكَ دُنْيَانَا وَمَا فِيهَا

لَقُلْتُ لَا وَالَّذِي أَخْشَى عُقُوبَتَهُ ... وَلا بِأَضْعَافِهِ مَا كُنْتُ آتِيهَا

لَوْلا الْحَيَاءُ لَبُحْنَا بِالَّذِي كَتَمَتْ ... بِنْتُ الْفُؤَادِ وَأَبْدَيْنَا تَمَنِّيهَا

قَالَ فَأُسْكِتُّ وَقُلْتُ لَا أَدْرِي مَا أَحْتَالُ فِي أَمْرِ هَذَا الرَّجُلِ

وَقُلْتُ لِلْخَادِمِ لَا يَأْتِيكَ أَحَدٌ بِكِتَابٍ إِلا قَبَضْتَ عَلَيْهِ حَتَّى تَدْخِلُهُ عَلَيَّ

ثُمَّ لَمْ أَعْرِفْ لَهُ خَبَرًا بَعْدَ ذَلِكَ

فَبَيْنَا أَنَا أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ إِذَا أَنَا بِفَتًى قَدْ أَقْبَلَ نَحْوِي وَجَعَلَ يَطُوفُ إِلَى جَنْبِي وَيُلاحِظُنِي وَقَدْ صَارَ مِثْلَ الْعُودِ فَلَمَّا قَضَيْتُ طَوَافِي خَرَجْتُ وَاتَّبَعَنِي فَقَالَ لِي يَا هَذَا أَتَعْرِفُنِي قُلْتُ مَا أُنْكِرُكَ لِسُوءٍ قَالَ أَنَا صَاحِبُ الْكِتَابَيْنِ

قَالَ فَمَا تَمَالَكْتُ أَنْ قَبَّلْتَ رَأْسَهُ وَبَيْنَ عَيْنَيْهِ وَقُلْتُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَاللَّهِ لَقَدْ شَغَلْتَ عَلَيَّ قَلْبِي وَأَطَلْتَ غَمِّي بِشِدَّةِ كِتْمَانِكَ لأَمْرِكَ فَهَلْ لَكَ فِيمَا سَأَلْتَ وَطَلَبْتَ

قَالَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ وَأَقَرَّ عَيْنَيْكَ إِنَّمَا أَتَيْتُكَ مُسْتَحِلا مِنْ نَظَرٍ كُنْتُ أَنْظُرُهُ عَلَى غَيْرِ حُكْمِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْهَوَى دَاعٍ إِلَى كُلِّ بَلاءٍ وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ

فَقُلْتُ يَا حَبِيبِي أُحِبّ أَنْ تَصِيرَ مَعِي إِلَى مَنْزِلِي فَآنَسُ بِكَ وَتَجْرِي الْحُرْمَةُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ قَالَ لَيْسَ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلٌ فَاعْذُرْ وَأَجِبْ إِلَى مَا سَأَلْتُكَ

فَقُلْتُ يَا حَبِيبِي غَفَرَ اللَّهُ لَكَ ذَنْبَكَ وَقَدْ وَهَبْتُهَا لَكَ وَمَعَهَا مِائَةَ دِينَارٍ تَعِيشُ بِهَا

وَلَكَ فِي كُلِّ سَنَّةٍ كَذَا وَكَذَا

قَالَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهَا لَوْلا عُهُودٌ عَاهَدْتُ اللَّهَ بِهَا وَأَشْيَاءٌ وَكَّدْتُهَا عَلَى نَفْسِي لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا شَيْءٌ هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ هَذَا الَّذِي تَعْرِضُهُ عَلَيَّ وَلَكِنْ لَيْسَ إِلَيْهِ سَبِيلٌ وَالدُّنْيَا فَانِيَةٌ مُنْقَطِعَةٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015