الذي قلت (ولا أزال أقول) إنه نموذج للترجمة الأدبية، وإن تبيّن لي لمّا قرأنا الأدب الفرنسي أنه لم يلتزم نقل ما كتب مؤلّفا القصتين. ولا يضرّه إن لم يلتزمه، ولو ترجمها ترجمة حرفية كما يفعل التراجمة الآن لأسقطهما وأذهب بهاءهما ومسخهما.
وعرفت الزيات لما مرّ بدمشق وألقى في المجمع العلمي محاضرة عن «ألف ليلة وليلة»، ولكني لم ألقَه.
وأنا لم آتِ «الرسالة» مبتدئاً، بل لقد كنت لمّا جئتها كاتباً معروفاً في بلدي، نشرت مئات (مئات حقاً لا مبالغة) من المقالات في السياسة وفي الحماسة وفي النقد وفي القصص التاريخي وفي المناظرات، حتى في المسرح. ولست أنكر فضلها عليّ ولكن لا أحب أن أبخس نفسي حقها، فإذا عُدّ مَن تخرج في الرسالة، أي من بدأ منها وفيها، فلست منهم، وإن كان للرسالة ولصاحبها أكبر الفضل عليّ؛ فقد فتح لي صدره واتخذني أخاً وولداً له، واتخذتُه أستاذاً ووالداً أو أخاً كبيراً، ولم أرَ منه على طول ما صحبتُه في العمل وفي النزهة وفي زياراتِ مَن أخذني لزيارتهم وفي مجالس المفاكهة أو المجادلة في مصر، وفي دمشق وفي قراها وجبالها لمّا أخذته أنا وأنور (رحمه الله ورحمه) إليها، لم أرَ منه إلاّ أطيب الخلق وأنظف اللفظ وأجمل المعاشرة. لقد كان صادق الودّ، عفّ اللسان، صافي الجنان.
ما كنت أول من نشر في الرسالة من أدباء الشباب في الشام؛ لقد كتب فيها قبلي من إخواننا سامي الدهّان وأنور العطّار وحلمي اللحّام وجميل سلطان، رحمهم الله، وأخي ناجي نشر فيها قبلي