على تصحيحه. على أنه من المقرَّر في صناعة النشر أن المؤلف لا ينبغي له مراجعة تجارب طباعة ما يكتب، ذلك أنه يقرأ بعقله لا يقرأ بعينيه، أي أنه يمرّ بالكلمات فيرى ما كتبه ابتداءً ويُغفل -لاشعورياً- الاضطرابَ والخطأ الناشئ من عمل طابعي النَّص. ذلك فضلاً عن أنه كان قد كَبُر وكلَّ وملَّ حينما نُشرت الأجزاء الأخيرة، فكان عاقبة ذلك أن ازدحمت تلك الأجزاء بالأخطاء ازدحاماً عجيباً، حتى لا أكاد أبالغ لو قلت إن الجزأين السابع والثامن خاصة قد زادت أخطاء الطباعة في كل منهما على ألف خطأ. بل لقد بلغ الأمر في واحدة من الحالات أن انتقلت صفحات كاملة من حلقة من الحلقات إلى موضع قَصِيّ، فصار يفصل بين جزء من المقالة والجزء الآخر عشراتٌ من الصفحات!

ولم يقتصر الأمر على الخطأ المطبعي بل كَثُرَ السَّقْط (الحذف)، فسقطت أحياناً كلمات منفردة وأحياناً أخرى جُمَل كاملة وسطور عدّة، واضطربت أبيات كثيرة من الشعر واختلّ ميزانها بسبب نقص كلمات فيها أو طباعة بعضها خطَأً. وما أكثرَ الكلمات التي طُبعت خطَأً حتى صار المعنى الذي يفهمه القارئ عَجَباً من العجب، وحتى صار البحث لتصحيحها -في بعض الأحيان- أقربَ إلى حل لغز من الألغاز أو فكّ أسرار أُحْجِيّة من الأُحجيّات.

كان عليّ أن أقرأ النصّين، نصّ الكتاب ونصّ المقالة المنشورة في الجريدة، لكي أقع على مواطن الخطأ والخلل، واضطررت غيرَ مرة إلى مراجعة الأصل المخطوط أو المادة المسجَّلة بحثاً عن تصويب خطأ خفي أو خلل غامض. فكان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015