ولست أنسى فِرَق السنغال وما فعلت من أفعال وما أتت من أهوال، ولا فرسان الجزائريين إذ يُغِيرون من فوق خيولهم على جموع المتظاهرين لا يدرون مَن يدعسون (?)، وسيوفهم مسلولة بأيديهم يضربون بها ذات الشمال وذات اليمين لا يُبصرون مَن يصيبون، وقد انتفخت برانسهم الحمراء وانتشرت وراءهم كأنها أعلام مغموسة بالدم.

على أن الذي قضى على الثورة لا الفرنسيون ولا الجنود السنغال والجزائريون، بل المتطوعون من الشركس والأرمن. أما الجزائريون والسنغاليون المسلمون فقد خالطناهم -من بَعدُ- ودانيناهم فرأينا أن أكثرهم من المؤمنين المصلّين الصائمين، ولكن المستعمرين خدعوهم وأوهموهم أننا غير مسلمين وأفهموهم أن قتالنا جهاد يُثابون عليه، ثم إنهم مُكرَهون على القتال ما لهم فيه خيار.

وأما الشركس، وإن كان أكثرهم مسلمين، فإن ذنبهم أدهى وعذرهم أوهى، لأنهم قاتلونا مختارين؛ هم تطوّعوا للقتال ما أجبرهم عليه أحد، قاتلونا طلباً للدنيا وإيثاراً لمنفعة عاجلة فيها على ما عند الله من ثواب للمؤمنين المتمسكين بأخوّة الإيمان ورابطة القرآن. أما الأرمن فلا عذر لهم أبداً، وهم كانوا أخسّ وألأَمَ لأنهم جاؤونا مطرّدين فآويناهم، وجائعين فأكرمناهم وقَرَيناهم، وفتحنا لهم أبواب بلدنا ومداخل أسواقنا فصاروا بفضلنا من الأغنياء، ثم كان جزاءَنا منهم أن أعانوا عدوّنا علينا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015