المخلص الشيخ أبو الحسن الندوي، فيا ليت المؤلفين يرونه ويسلكون سبيله. وهذا كله استطراد على طريقة شيخنا الجاحظ، طريقة نقدتُها وأنا سائر فيها لا أستطيع النجاة منها ولا البعد عنها، وخرجت بها من حدود موضوعي.
* * *
وأنا أعود إلى الموضوع فأقول: إن كان البارودي في مصر أولَ من أخرج الناس من متاهات الأسلوب اللفظي في الشعر إلى جادة البيان الأصيل، فإن الذي فعل فعله في النثر في الشام هو محمد كرد علي، وكلاهما نال ما نال بالمطالعة والنظر في آثار البلغاء، ما درس البارودي العَرُوض ولا أتقن علوم الآلة (الصرف والنحو البلاغة)، وما كان كرد عليّ متمكناً منها، ولمّا درّسها في الجامعة ظهر ضعفه فيها. وكان كلاهما -مع ذلك- رائداً، وكان أستاذاً، وكان معلم أجيال.
أما أحمد شاكر الكرمي فقد لقيته مرة واحدة، حين أخذت إليه كلمة أردّ بها على الأستاذ محمد البِزِم لِما كتبه عن أستاذنا سليم الجندي في مجلّته «الميزان». كان الكرمي أديباً صاحب فنون، كان من أوائل من عرّفَنا بالآداب الأجنبية ونقل إلينا (في الشام) بعض روائعها، وكان من أوائل من مارَس النقد الأدبيّ عندنا، وكانت مجلته «الميزان» أولَ مجلة أدبية خالصة عرفَتها دمشق، أو عرفتُها أنا في دمشق.
عاش الكرميّ مظلوماً ومات مظلوماً، وقد كتبت في جريدة «الأيام» من زمن بعيد أدعو إلى إنصافه والكتابة عنه وعن مجلته،