أخباره الكثير، أحدّث بها القرّاء يوماً إن شاء الله.
وأساليب الكتّاب الأقدمين أربعة:
أسلوب يحاول صاحبه أن ينقل إلى نفسك ما في نفسه هو بأصحّ عبارة يقدر عليها وأوضحها، لا يقصد إلى تجميلها ولا إلى تحميلها ما لا حاجة بها إلى حمله، يبتغي فيها الإيجاز ولا يحرص فيها على المجاز، وهذا هو الترسّل، أسلوب ابن المقفّع. وعلى طريقه مشى كرد علي وشكيب أرسلان ومحبّ الدين الخطيب وأحمد أمين.
وأسلوب يجمّل العبارة التجميل المقبول، ويأتي معها بما يقاربها وما يناسبها من طريف السّيَر وغريب الخبر، وربما ابتعد بهذا الاستطراد عن المعنى المراد فضلّ عنه أو نسيه، أو رجع إليه بعدما ابتعد عنه. وهو يخرج بك من معنى إلى معنى ومن فكرة إلى فكرة، حتى لا تدري ماذا كان عنوان المقال وما هو الموضوع الأصلي للكلام، ولكنك لا تمله ولا تضيق به. وهذا هو أسلوب الجاحظ.
وأسلوب يعتني بالعبارة مثل عنايته بالفكرة، بل ربما زاد عليها فأضاع المعنى لتجميل المَبنى، يقرن بالكلمة أختها أو بنت عمّها، ويحشر معها من الأبيات ما يؤيّدها فيختلط النثر بالشعر، وتحس حين تقرؤه بأنه إلى التكلّف والصناعة أقرب منه إلى الأدب المطبوع، وهذا هو أسلوب ابن العميد.
وأسلوب يجعل العبارة وحدها هي المقصودة، يصفّ صاحبه كلاماً حلواً ولو كان خلواً من المعاني، مُسخت فيه