مخطئاً) أوفد بعثتين، واحدة إلى صحراء سِنْجار والثانية إلى جوار تدمر (?)، فرصدوا نجم القطب ومشوا بخطّ مستقيم حتى رأوه قد ارتفع درجة واحدة، فقاسوا المسافة على الأرض وضربوها بثلاثمئة وستين التي هي درجات الدائرة عرفاً، فعرفوا طول محيط الأرض. والرقم الذي وصلوا إليه لا يختلف عن الرقم المعترَف به الآن علمياً إلاّ بقدر يسير.
فجاء من مشايخنا الذين كنا نقرأ عليهم بعد أكثر من ألف ومئتَي سنة مَن يشكّ في كروية الأرض، ثم جاء شيخنا الشيخ الكافي التونسي (الذي كتبتُ عنه في ذكرياتي هذه) فألّف في الشام لمّا هاجر إليها كتابَيه «الأجوبة الكافية» أولاً و «المسائل الكافية» ثانياً، ذهب فيها شتّى المذاهب وجاء بما توهّمه دليلاً (وليس بدليل) على إنكار حركة الأرض والزعم بأنها ثابتة والشمس تدور من حولها، كما كان يعتقد الفلاسفة من اليونان. وعن الشيخ الكافي أخذ مَن قال هذه المقالة من العلماء هنا. ثم رأينا من يُنكِر حقائق فلكية ثابتة فلا يصدّق أن الشمس إنما تُكسَف في أوائل الشهر العربي وأن القمر إنما يُخسَف في أواسطه.
وكان منهم من يدَع الطبّ الحديث ويلجأ إلى تذكرة داود الأنطاكي في الصيدلة، وإلى كتب الطبّ القديمة التي تأخذ عن جالينوس وأبقراط. وأصغر تلميذ اليوم في كلية الطب يعرف من