وقد لحظتم أن الشطر الثاني من البيت الأول حشو ليس له مكان إلاّ إقامة الوزن.

* * *

وأخي ناجي شاعر وفقيه. ولا تعجبوا أن يجمع رجل بين الفقه والفتوى والقضاء وبين الشعر منظوماً ومترجَماً عن لغة أخرى، فإن تاريخنا العلمي مترَع بأمثال هذه النماذج، وحسبكم واحداً هو ابن رشد الحفيد، وقيل «الحفيد» لأن جدّه كان أيضاً فقيهاً وكان قاضياً، فهو في هذا كتقي الدين ابن تيميّة المشهور الذي كان جده مجد الدين مثلَه فقيهاً معروفاً، ولكن اسم الحفيد غطّى على اسم الجَدّ.

ابن رشد مثلاً كان قاضي الجماعة في الأندلس. ولقب «قاضي الجماعة» فيها يعدل لقب «قاضي القضاة» في بغداد. وكان من أكبر فقهاء المذهب المالكي، مع مشاركة قوية واطّلاع واسع على المذاهب الأخرى، ويكفي دليلاً على ذلك كتابه العظيم «بداية المجتهد ونهاية المقتصد»، وهو من أجود الكتب فيما يدعونه الآن في كلّيات الشريعة بالفقه المقارن، وهي ترجمة حرفية لاسمه عند غيرنا، ولو رجعوا إلى ما كان يسمّيه به أجدادنا لكان خيراً وأجدى وهو «علم الخلاف»، فإذا قالوا «فلان عالِم باختلاف الفقهاء» قصدوا اختلاف العلماء في المذهب الواحد، وإذا قالوا «علم الخلاف» فإنما يريدون به ما يُراد الآن باسم الفقه المقارن.

ابن رشد هذا كان أكبر الفقهاء، وكان في الوقت نفسه أكبر الأطباء وكان المرجع في علم الطب يُرجَع فيه إليه ويؤخَذ عنه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015