وَيلٌ لِمَن ملَكَ القويُّ قِيادَهُ ... وغدا يُبدّدُ مالَهُ وبلادَهُ
ويُذيقُهُ مُرَّ العذابِ وليسَ مَنْ ... يُنجِيه من مَضَضٍ أذابَ فؤادَهُ
ما للقويِّ سوى الضعيفِ فريسةٌ ... والذئبُ يَلقى في الشياه مُرادَهُ
يعدو على الحَمَلِ البريءِ مُقادِعاً ... فيُريه منه البِشْرَ كي يَصطادَهُ
فِعلَ الفِرَنْجَةِ بالضّعيفِ منَ الشعو ... بِ، توَدُّهُ إذ تبتغي استعبادَهُ
يا شرقُ فاذكُرْ عهدَ عِزٍّ قدْ مضى ... كيما تُعيدَ إلى الوجودِ تِلادَهُ
أيامَ كانَ العِلمُ فيكَ ونورُهُ ... يَهدي ببازغِ شَمسِهِ رُوّادَهُ
أيامَ كنا للوجودِ أئمّةً ... ونُري الوجودَ ضَلالَهُ ورَشادَهُ
اُذكُرْ أُسودَ اللهِ مَنْ حكَموا الورى ... بسيوفِهمْ يتسلّمونَ قِيادَهُ
وانظُرْ ديارَهُمُ تراها بَلْقَعاً ... والغربُ يُؤوي ربعُها أجنادَهُ
ملَكوا أئمّتَها وساموا شعبَها ... خسفاً وهدّوا ظالمينَ عمادَهُ
الضَّعفُ في شَرعِ الحياةِ جريمةٌ ... يا وَيلَ مَنْ ملَكَ القويُّ قِيادَهُ
أترون هذه الأبيات؟ فلمن تحسبوها؟ إنها لطالب في الثانوية في السابعة عشرة من عمره، وأكثر طلاب الثانوية الآن في كثير من البلدان لا يستطيعون قراءة أمثالها بلا خطأ.
وفي عدد جمادى الأولى 1352هـ من مجلة «الرسالة» قصيدة مترجَمة شعراً عن أندريه شينيه، الشاعر الفرنسي المولود في إسطنبول سنة 1762 (كما وُلد فيها أخوه الأديب ماري جوزيف شينيه بعده بسنتين)، وهو شاعر معروف. وترجمة الشعر شعراً مع المحافظة الممكنة على المعنى من أصعب الصعاب. عنوان القصيدة «اللقاء العجيب»، هذه أبياتها تصوّر الشاعر العاشق وصاحبتَه تائهَين في الغاب، كلٌّ يطلب الآخر ولا يجده ويبحث عنه ولا يصل إليه، فتقول هي:
أيها الغابُ، هل رأيتَ حبيبي ... قُربَ ماءِ الغديرِ عندَ الغروبِ؟
كمْ صباحٍ أتاكَ بلْ كمْ مساءٍ ... عندَ همسِ الصَّبا وشدوِ الجنوبِ؟
سوفَ أُصغي لكلِّ صوتٍ بعيدٍ ... فلعلّي أحظى بِهِ مِنْ قريبِ
ويقول هو (وهو في الجهة الأخرى من الغاب، لا يراها ولا يعرف مكانها):
إيهِ ياموجةَ الغديرِ سلاماً ... يا عروسَ الماءِ النّميرِ السَّكوبِ
اِحمِلي لي حبيبتي فهْيَ عندي ... زهرةُ الحبِّ، فَوقَ غُصنٍ رطيبِ