وتركناه ودخلنا على المدير العامّ (أي وكيل الوزارة) وهو الرجل الصالح الأستاذ خليل إسماعيل فحدّثناه بما كان.
ما كان في بغداد من مظاهر الدعوة الإسلامية إلاّ حفلة سنوية في ذكرى المولد تُقيمها جمعية الشبّان المسلمين، ودروس في المساجد لا يكاد يحضرها أحدٌ من الشباب. ولم يكن يعمل دائباً في مجال الدعوة إلاّ الأستاذ الطائي، وكانت له مجلّة كلّما عطلوها أخرجها باسم آخر، ولقد كتبت عنده مقالات كثيرة، وكنت أزوره فنتشاكى ونتباكى ونأسف على ما وصلت إليه الحال.
* * *
ولمّا رجعت في الصيف إلى دمشق دعوت إلى داري (وكانت في الخَيْضَرية (الخضيرية) وكانت فيها غرفة كبيرة فيها مجلس عربي) دعوت العاملين في مجال الدعوة إلى الإسلام من أصحاب الصوفية إلى أرباب السلفية، لم أغادر منهم أحداً، ومن فقهاء المذاهب الأربعة إلى الوُعّاظ والخطباء، ومن رجال جمعية الهداية الإسلامية ورجال جمعية التمدّن وباقي الجمعيات، فحدّثتهم عمّا رأيته في العراق وحذّرتهم مثل ذلك المآل. وقلت لهم بعد كلام طويل: أنا لا أريد أن يبدّل أحدٌ منكم طريقتَه ولا أن يغيّر مشربه، ولكنْ أريد شيئاً واحداً؛ هو أن هذا الباب المغلَق إن دفعَته يد واحدة لم ينفتح، فإن اجتمعَت عليه الأيدي الكثيرة فتحته. والذي أريده هو أن نتعاون لا أن يعمل كلٌّ وحده. واقتراحي هو أن تُنتخب لجنة فيها ثلاثة منكم يراقبون الأحداث، فإن رأوا ما يمسّ الإسلام كان عملهم أن يبلغوكم به فقط. هذا هو