والأرضُ خاشعةٌ تَميدُ بثِقْلِها ... والجوُّ مُعتَكرُ الجوانبِ أغبرُ
والشمسُ ماتعةٌ توقَّدُ بالضّحى ... طوراً ويُطفئُها العَجاجُ الأكدرُ
لكن انظروا: لقد وقعت أعجوبة، والأصوات القوية المتداخلة التي كانت تُصِمّ الآذان قد سكتَت، والغبار الذي كان يملأ أقطار الفضاء قد انزاح، والشمس قد ظهرت والدنيا قد أشرقت. فماذا كان؟ لقد ظهر الخليفة، فتطلعَت إليه الأنظار وأشارت إليه الأصابع: أين هو؟ أين هو؟ هذا هو!
وماذا في ذلك؟ الناس ينظرون إلى كل مشهور وإلى كلّ غريب، إنه حبّ الاستطلاع. قال البحتري: لا، ما نظروا لهذا بل:
ذكَروا بطلعتِكَ النبيَّ فهلّلوا ... لمّا طلَعْتَ منَ الصفوفِ وكبّروا
إلى أين كان يمضي الخليفة؟ يمضي إلى المصلّى ليصلّي صلاة العيد. ماذا تظنونه كان يلبس؟ الديباج؟ الثياب المنسوجة بخيوط الذهب؟ هذه كلها في السوق فمن كان معه المال اشتراها، ولكنه لبس ما لا يُشترى بمال ولا يوجد مثله بحال؛ لبس نور الهدى (?):
حتى انتهيتَ إلى المُصَلّى لابساً ... نورَ الهُدى يبدو عليكَ ويَظهَرُ