إسعاف النشاشيبي لشوقي وهي منشورة إبان وفاته، وهي التي سَمّاها «ذات البحور والقوافي». جاء بها كذلك لأنه لم يستطع أن يجعلها قصيدة موحّدة الوزن والقافية، هو (رحمه الله تعالى) قال لي ذلك في إدارة «الرسالة» بمصر بحضور الأستاذ الزيات.
إن علينا أن نقول الحقّ ولو على أنفسنا، والحقّ أن معاني الشعر الغربي (الفرنسي أو الإنكليزي) أوسع مدىً وأكثر عمقاً، وأن ميزة شعرنا في النَّظْم، في الموسيقى الشعرية. تلك هي الميزة التي يحاول هؤلاء أن يحرمونا منها.
من يقارن أوزاننا وعروضنا بأوزان الشعر الفرنسي يدرك الفرق. ما عندنا مثل الفِلْم الملوّن وما عندهم «أبيض وأسود»! نحن نميّز بين السبب والوتد، السبب مثل السوداء في «النوتة»، صوت بمقدار ضربة واحدة (أو بمقدار حركة واحدة باصطلاح أهل التجويد)، والبيضاء حركتان، أي أنها مثل المدّ الطبيعي.
والفرق بين عَروضنا وعَروضهم كالفرق بين موسيقانا وموسيقاهم؛ ماعندهم بين «دو» و «رِه» إلاّ درجة واحدة، أي نصف صوت، إشارة الدييز ترفع «دو» نصف درجة أو إشارة البيمول تهبط بـ «ره» نصف درجة، أمّا موسيقانا ففيها ربع الصوت. فإذا أضعنا هذه الميزة، ميزة البحر والقافية، أقررنا لهم بالسبق.
* * *