المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم لك الحمد، اللهم وفّقنا لما ترضى واختم لنا بالحسنى. وبعد:

فهذه ذكرياتي، حملتُها طول حياتي وكنت أعُدّها أغلى مقتنياتي، لأجد فيها يوماً نفسي وأسترجع أمسي؛ كما يحمل قِربةَ الماء سالكُ المَفازة لتردّ عنه الموت عطشاً. ولكن طال الطريق وانثقبت القِربة، فكلما خطوت خطوة قطرَت منها قطرة. حتى إذا قارب ماؤها النفاد، وثقل عليّ الحمل، وكَلّ مني الساعد، جاء مَن يرتق خرقَها ويحمل عني ثقلها ويحفظ لي ما بقي فيها من مائها، وكان اسمه زهير الأيوبي.

جاءني يطلب مني أن أدوّن ذكرياتي في مجلة «المسلمون» لمّا عزم الأخوان الأستاذان هشام ومحمد ابنا أخي الأستاذ علي حافظ على إصدارها. وكان نشرُ هذه الذكريات إحدى أمانيّ الكِبار في الحياة، ولطالما عزمت عليها ثم شُغلت عنها، وأعلنت عنها لأربط نفسي بها فلا أهرب منها، ثم لم أكتبها، بل أنا لم أشرع بها؛ لأني لا أكتب إلا للمطبعة. لذلك لم أجد عندي شيئاً مكتوباً أرجع عند تدوين الذكريات إليه وأعتمد عليه، وما استودعتُ الذاكرة ضعفت الذاكرة عن حفظه وعجزَتْ عن تذكّره؛ لذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015