المسألة الثالثة: فيمن أخرجه معه: أخرجه (د) 1300 (ت) 604 (ابن خزيمة). 1201 واللَّه تعالى أعلم.

المسألة الرابعة: دلّ حديث كعب - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا على الأمر بأداء سنة المغرب في البيوت.

وقد أخذ بظاهر الأمر ابن أبي ليلى، فقال بعدم صحة سنة المغرب في المسجد، واستحسنه أحمد. فقد ذكر عبد اللَّه بن أحمد بعد ذكر حديث محمود بن لبيد المتقدّم: ما نصّه: قلت لأبي: إن رجلاً قال: من صلى ركعتين بعد المغرب في المسجد لم تجُزه، إلا أن يصليهما في بيته؛ لأن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - قال: "هذه من صلوات البيوت". قال: من قال هذا؟ قلت: محمد بن عبد الرحمن، قال: ما أحسن ما قال! أو ما أحسن ما انتزع!. انتهى (?).

لكن الجمهور حملوا الأمر على الندب للأحاديث الصحيحة الدالة على جواز النافلة في المسجد: فمنها: الحديث الماضي أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - اتخذ حجرة في المسجد، فصلى فيها، وصلى بصلاته قوم، فلو كانت النافلة لا تصحّ لبيّن لهم ذلك، وإنما أرشدهم إلى ما هو الأفضل، وهو التنفل في البيوت.

ومنها: ما رواه مسلم في "صحيحه" من حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -، مرفوعًا: "إذا صلّيتم الجمعة، فصلّوا أربعًا"، زاد في رواية: "فإن عجل بك شيء، فصلّ ركعتين في المسجد، وركعتين إذا رجعت".

ومنها: حديث أنس - رضي اللَّه عنه -، قال: كنا بالمدينة، فإذا أذن المؤذن لصلاة المغرب، ابتدروا السواري، فركعوا ركعتين، حتى إن الرجل الغريب ليدخل المسجد، فيحسب أن الصلاة قد صُلّيت، من كثرة من يصليهما". رواه مسلم، ورواه البخاري أيضًا بنحوه، ورواه أحمد، والنسائي، والبيهقيّ.

ومنها: حديث حذيفة - رضي اللَّه تعالى عنه -، قال: أتيت النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، فصليت معه المغرب، فصلى إلى العشاء. رواه النسائي بإسناد جيّد. وغير ذلك من الأحاديث الصحيحة الدالّة على مشروعية التطوع في المسجد، لكن الأفضل التطوع في البيوت؛ لحديث زيد بن ثابت - رضي اللَّه عنه - المتقدم: "فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة".

هذا كله في حقّ غير المعتكف، أما هو فيتنفّل في المسجد بلا كراهة، اتفاقًا (?). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015