وقال في "لسان العرب": العيد كلُّ يوم فيه جَمْعٌ، واشتقاقه من عادَ يعود، كأنهم عادوا إليه، وقيل: اشتقاقه من العادة, لأنهم اعتادوه، والجمع أعياد، لَزِم البدل، ولو لم يلزم لقيل: أعواد، كريح وأرواح, لأنه من عاد يعود. وعَيَّدَ المسلمون: شَهِدُوا عيدهم، قال الْعَجَّاجُ يَصِفُ الثور الوحشيّ:

وَاعْتَادَ أَرْبَاضًا لَهَا آرِيُّ ... كَمَا يَعُودُ الْعِيدَ نَصْرَانِيُّ

فجعل العيد من عاد يعود، وتحولت الواو في "العيد" ياء لكسرة العين، وتصغير "عيد" "عُيَيْدٌ"، تركوه على التغيير، كما أنهم جمعوه أَعْيَادًا, ولم يقولوا: أَعْوَادًا. وقال الأزهريّ: والعيد عند العرب الوقت الذي يعود فيه الفَرَح والْحُزْن، وكان في الأصل "الْعِوْدَ" فلما سَكَنَت الواو، وانكسر ما قبلها صارت ياءً. وقيل: قُلبت الواو ياء ليفرّقوا بين الاسم الحقيقيّ وبين المصدريّ. وقال الجوهريّ. إنما جمُع أعيادٌ بالياء للزومها في الواحد، ويقال: للفرق بينه وبين أعواد الخشب. وقال ابن الأعرابي: سمي العيدُ عيدًا لأنه يعود كلَّ سنة بفرح مجدّد انتهى (?).

واختلف في حُكمها، فقال الشافعيّ، وجمهور أصحابه، وجماهير العلماء: سنة مؤكّدة. وقال أبو سعيد الإصطخريّ من الشافعية: هي فرض كفاية. وقال أبو حنيفة: هي واجبة، فإذا قلنا: فرض كفاية، فامتنع أهل موضع من إقامتها قوتلوا عليها، كسائر فروض الكفاية، وإذا قلنا: إنها سنة لم يقاتلوا بتركها، كسنة الظهر، وغيرها، وقيل: يقاتلون, لأنها شعار ظاهر. قاله النووي في "شرح مسلم" (?).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: ما قاله الجمهور من أنها سنة مؤكّدة هو الراجح، لحديث طلحة بن عبيد اللَّه - رضي اللَّه عنه - عند الشيخين وغيرهما: أن رجلا جاء إلى النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، فإذا هو يسأل عن الإسلام؟ فقال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "خمس صلوات في اليوم والليلة"، قال: هل عليّ غيرها؟ قال: "لا، إلا أن تطّوّع".

وحديث معاذ - رضي اللَّه عنه - المشهور، فقد أخرج الشيخان وغيرهما، عن ابن عباس - رضي اللَّه عنهما -، أن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - بعث معاذا - رضي اللَّه عنه - إلى اليمن، فقال: "ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا اللَّه وأني رسول اللَّه، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم، أن اللَّه قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن اللَّه افترض عليهم صدقة في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم، وترد على فقرائهم".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015