رواية إسماعيل بن جعفر، عن أنس الآتية: قال أنس: ولا واللَّه ما نرى في السماء من سحابة، ولا قزعة، وما بيننا وبين سلع من بيت، ودار، فطلعت سحابة مثل الترس، فلما توسطت السماء انتشرت، وأمطرت، قال أنس: ولا واللَّه ما رأينا الشمس سبتًا ... " (مِنَ الْجُمُعَةِ اِلَى الْجُمُعَةِ) أي المقبلة، والمراد الأسبوع كله (فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) ظاهره أنه رجل آخر؛ لأن القاعدة أن النكرة إذا أعيدت نكرة فهي غير الأولى، قال في "عقود الجمان":
ثُمَّ مِنَ الْقَوَاعِدِ الْمُشْتَهِرَة ... إِذَا أَتَتْ نَكِرَةٌ مُكَرَّرَهْ
نَغَايَرَا وَإِنْ يُعَرَّفْ ثَانِ ... تَوَافَقَا كَذَا الْمُعَرَّفَانِ
ويؤيد التغاير ما يأتي في الرواية الآتية -10/ 1518 - قال شريك: سألت أنسا أهو الرجل الأول؟ قال: لا، لكن في رواية البخاري: فقال: لا أدري.
قال في "الفتح": وهو يقتضي أن أنسالم يجزم بالتغاير، فالظاهر أن القاعدة المذكورة محمولة على الغالب, لأن أنسًا من أهل اللسان، وقد تعددت، وفي رواية إسحاق عن أنس "فقام ذلك الرجل أو غيره"، وكذا لقتادة، وهذا يقتضي أنه كان يشك فيه، وفي رواية يحيى بن سعيد عن أنس: "فأتى الرجل، فقال: يا رسول اللَّه"، وكلها عند البخاريّ، ومثله لأبي عوانة من طريق حفص عن أنس بلفظ فما زلنا نمطر حتى جاء ذلك الأعرابي في الجمعة الأخرى"، وأصله في مسلم. وهذا يقتضي الجزم بكونه واحدًا، فلعلّ أنسًا تذكّره بعد أن نسيه، أو نسيه بعد أن كان تذكره.
ويؤيد ذلك رواية البيهقي في "الدلائل" من طريق يزيد بن عبيد السلمي قال: "لما قفل رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - من غزوة تبوك أتاه وفد بني فزارة بضعة عشر رجلًا، وفيهم خارجة ابن حصن أخو عيينة، وفيه: قدموا عدى إبل صغار عجاف ... ، فقالوا: يا رسول اللَّه ادع لنا ربك أن يغيثنا ... فذكر الحديث، وفيه: فقال: "اللهم اسق بلدك، وبهيمتك، وانشر رحمتك، وأحي بلدك الميت، اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئًا طبقا واسعًا عاجلا غير آجل نافعًا غير ضارّ، اللَّهمّ سُقيا رحمة، لا سقيا عذاب، ولا هدم، ولا غرق، ولا محق، اللهم اسقنا الغيث، وانصرنا على الأعداء"، وفيه "قال: فلا واللَّه ما نرى في السماء من قزعة، ولا سحاب، وما بين المسجد وسلع من بناء"، فذكر الحديث نحو حديث أنس بتمامه، وفيه "قال الرجل -يعني الذي سأله أن يستسقي لهم-: هلكت الأموال" الحديث (?).