فَصَلَّى, فَأَطَالَ الْقِيَامَ جِدًّا, ثُمَّ رَكَعَ, فَأَطَالَ الرُّكُوعَ جِدًّا, ثُمَّ رَفَعَ, فَأَطَالَ الْقِيَامَ جِدًّا, وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ, ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ, وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ, ثُمَّ سَجَدَ, ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ, فَأَطَالَ الْقِيَامَ, وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ, ثُمَّ رَكَعَ, فَأَطَالَ الرُّكُوعَ, وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ, ثُمَّ رَفَعَ, فَأَطَالَ الْقِيَامَ, وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ, ثُمَّ رَكَعَ, فَأَطَالَ الرُّكُوعَ, وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ, ثُمَّ سَجَدَ, فَفَرَغَ مِنْ صَلاَتِهِ, وَقَدْ جُلِّىَ عَنِ الشَّمْسِ, فَخَطَبَ النَّاسَ, فَحَمِدَ اللَّهَ, وَأَثْنَى عَلَيْهِ, ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ, لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ, وَلاَ لِحَيَاتِهِ, فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ, فَصَلُّوا, وَتَصَدَّقُوا, وَاذْكُرُوا اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ-» , وَقَالَ: «يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ, إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَغْيَرَ, مِنَ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-, أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أَوْ أَمَتُهُ, يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ, لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ, لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً, وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا»).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الحديث متفق عليه، ورجاله عندهم رجال الصحيح، وقد تقدم 11/ 1474 واستوفيت شرحه، والكلام على مسائله هناك، فراجعه تستفد، وباللَّه تعالى التوفيق.
ودلالته على الترجمة واضحة، حيث بيّن فيه كيفية خطبة النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - في الكسوف، وفيه اختلاف بين أهل العلم:
قال في "الفتح: اختُلف في الخطبة فيه، فاستحبّها الشافعيّ، وإسحاق، وأكثر أصحاب الحديث، قال ابن قدامة؟ لم يبلغنا عن أحمد ذلك، وقال صاحب "الهداية" من الحنفيّة: ليس في الكسوف خطبة, لأنه لم يُنقل. وتُعُقّب بأن الأحاديث ثبتت فيه، وهي ذات كثرة، والمشهور عند المالكيّة أن لا خطبة لها، مع أن مالكًا روى الحديث، وفيه ذكر الخطبة. وأجاب بعضهم بأنه - صلى اللَّه عليه وسلم -لم يقصد لها خطبةً بخصوصها، وإنما أراد أن يبين لهم الردّ على من يعتقد أن الكسوف لموت بعض الناس.
وتعقّب بما في الأحاديث الصحيحة من التصريح بالخطبة، وحكاية شرائطها من الحمد، والثناء، والموعظة، وغير ذلك، مما تضمّنته الأحاديث، فلم يقتصر على الإعلام بسبب الكسوف، والأصل مشروعية الاتباع، والخصائص لا تثبت إلا بدليل.
وقد استضعف ابن دقيق العيد التأويل المذكور، وقال: إن الخطبة لا تنحصر مقاصدها في شيء معيّن، بعد الإتيان بما هو المطلوب منها، من الحمد، والثناء، والموعظة، وجميعُ ما ذكر من سبب الكسوف، وغيره هو مقاصد خطبة الكسوف، فينبغي التأسي بالنبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، فيذكر الإمام ذلك في خطبة الكسوف.
نعم نازع ابن قدامة في كون خطبة الكسوف كخطبتي الجمعة والعيدين، إذ ليس في الأحاديث المذكورة ما يقتضي ذلك، وإلى ذلك نحا ابن المنيّر في "حاشيته"، وردّ على