قال: "لا تقولوا: كسفت الشمس، ولكن قولوا: خسفت"، وهذا موقوف صحيح، رواه سعيد بن منصور عنه. وأخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى عنه. لكن الأحاديث الصحيحة تخالفه، لثبوتها بلفظ الكسوف في الشمس من طرق كثيرة، والمشهور في استعمال الفقهاء أن الكسوف للشمس، والخسوف للقمر، واختاره ثعلب، وذكر الجوهري أنه أفصح، وقيل: يتعين ذلك، وحكى عياض عن بعضهم عكسه، وغلّطه لثبوته بالخاء في القمر في القرآن، وكأن هذا هو السرّ في استشهاد المؤلف به في الترجمة. وقيل: يقال بهما في كل منهما، وبه جاءت الأحاديث، ولا شكّ أن مدلول الكسوف لغة غير مدلول الخسوف, لأن الكسوف التغير إلى سواد، والخسوف النقصان، أو الذلّ، فإذا قيل: في الشمس: كسفت، أو خسفت, لأنها تتغير، ويلحقها النقص، ساغ، وكذلك القمر، ولا يلزم من ذلك أن الكسوف والخسوف مترادفان.
وقيل: بالكاف في الابتداء، وبالخاء في الانتهاء. وقيل: بالكاف لذهاب جميع الضوء، وبالخاء لبعضه. وقيل: بالخاء لذهاب كل اللون، وبالكاف لتغيره انتهى (?).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد تلخص مما ذُكر أن الراجح جواز إطلاق الكسوف، والخسوف لكل من الشمس، والقمر؛ لورود النصوص الكثيرة بذلك. واللَّه تعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب.
1459 - (أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ, قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ, عَنْ يُونُسَ, عَنِ الْحَسَنِ, عَنْ أَبِي بَكْرَةَ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى, لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ, وَلاَ لِحَيَاتِهِ, وَلَكِنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- يُخَوِّفُ بِهِمَا عِبَادَهُ»).
رجال هذا الإسناد: خمسة:
1 - (قتيبة) بن سعيد، تقدم قريبًا.
2 - (حماد) بن زيد، أبو إسماعيل البصري، ثقة ثبت [8] تقدم 3/ 3.
3 - (يونس) بن عُبيد بن دينار العَبْدي، أبو عُبيد البصريّ، ثقة ثبت فاضل ورع [5] تقدم 88/ 109.
4 - (الحسن) بن أبي الحسن يسار البصري الإمام الحجة المثبت المشهور [3] تقدم 32/ 36.