عشرة عدّ يوم الدخول ويوم الخروج، ومن روى ثمان عشرة لم يعدّ أحد اليومين، ومن قال: سبع عشرة لم يعدّهما (?).

قال الحافظ في "التلخيص الحبير": وهو جمع متين، وتبقى رواية خمسة عشر شاذة لمخالفتها، ورواية عشرين، وهي صحيحة الإسناد، إلا أنها شاذة أيضًا، اللَّهمّ إلا أن يُحمل على جبر الكسر، ورواية ثمانية عشر ليست بصحيحة من حيث الإسناد (?)، أي لأنّ في سنده علي بن زيد بن جُدعان، وهو ضعيف.

وقال في "الفتح" بعد ذكر الجمع المذكور: وأما رواية خمسة عشر، فضعفها النوويّ في "الخلاصة"، وليس بجيّد؛ لأن رواتها ثقات، ولم ينفرد بها ابن إسحاق، فقد أخرجها النسائي من رواية عراك بن مالك، عن عُبيد اللَّه كذلك، وإذا ثبت أنها صحيحة، فليُحمل على أن الراوي ظنّ أنّ الأصل رواية سبع عشرة، فحذف منها يومي الدخول والخروج، فذكر أنها خمسة عشرة.

واقتضى ذلك أن تسع عشرة أرجح الروايات، وبهذا أخذ إسحاق بن راهويه، ويرجحها أيضًا أنها أكثر ما وردت به الروايات "الصحيحة" وأخذ الثوريّ، وأهل الكوفة برواية خمس عشرة، لكونها أقلّ ما ورد، فيحمل ما زاد على أنه وقع اتفاقًا، وأخذ الشافعي بحديث عمران بن حصين، وهو ما أخرجه أبو داود بلفظ: "غزوت مع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - عام الفتح، فأقام بمكة ثماني عشرة ليلة، لا يصلي إلا ركعتين". لكن محله عنده فيمن لم يُزمع الإقامة، فإنه إذا مضت عليه المدة المذكورة وجب عليه الإتمام، فإن أزمع الإقامة في أول الحال على أربعة أيام أتم، على خلاف بين أصحابه في دخول يومي الدخول والخروج فيها، أولًا، وحجته حديث أنس - رضي اللَّه تعالى عنه - انتهى (?).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: تقدم أن أرجح المذاهب مذهب الإمام أحمد - رحمه اللَّه تعالى -؛ لموافقته لحديث أنس - رضي اللَّه تعالى عنه -.

وحاصله أن من أقام في بلدة أكثر من إحدى وعشرين صلاة أتم، وإلا قصر. واللَّه تعالى أعلم.

(يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكعَتَيْنِ) جملة في محل نصب على الحال، وكرر "ركعتين" إشارة إلى أن قصره في كل صلاة صلاها في تلك المدة. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015