بعض حُجر نسائه" (سَرِيعاً) حال من فاعل "انصرف" أيضاً، فهما حالان مترادفان، أو من فاعل "يتخطى" فهما متداخلان (حَتَّى تَعَجَّبَ النَّاسُ لِسُرْعَتِهِ) وفي رواية البخاري: "فعجب الناس من سرعته"، وفي رواية له: "ففزع الناس من سرعته".
وكان من عادة الصحابة -رضي الله عنهم- الفزع والخوف إذا رأوا منه -صلى الله عليه وسلم- غيرَ ما يَعهَدونه، خشية أن ينزل فيهم شيء يسوؤهم.
(فَتَبِعَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ) أي ليعرف سبب استعجاله في الانصراف (فَدَخَلَ) أي النبي -صلى الله عليه وسلم- (عَلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ، ثُمَّ خَرَجَ) زاد البخاريّ: "فرأى أنهم عَجبوا من سُرعته" (فَقَالَ) مبيناً لهم سبب استعجاله على غير عادته، ومعتذراً إليهم في ذلك (إِنِّي ذَكَرْتُ، وَأَنا فِي الْعَصْرِ شَيْئاً مِنْ تِبْرٍ) بكسر التاء المثناة، وسكون الموحدة: ما كان من الذهب غير مضروب، فإن ضُرب دنانير، فهو عَيْن، وقال ابن فارس: التِّبْر ما كان من الذهب والفضّة غير مَصُوغ. وقال الزّجّاج: التِّبْر كلُّ جوهر قبل استعماله، كالنحاس، والحديد، وغيرهما انتهى (?).
(كَانَ عِنْدَنَا) جملة في محلّ جرّ صفة لـ"تبر" (فَكَرِهْتُ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَنَا) أي لأنه من تبر الصدقة، ففي رواية البخاريّ أنه كان تبراً من الصدقة (فَأمَرْت بِقِسْمَتِهِ) وفي رواية البخاري: "فكرهت أن يحبسني، فأمرت بقسمته". ومعنى "يحبسني" أي يشغلني التفكر فيه عن التوجه والإقبال على الله تعالى، وفَهم ابن بطّال منه معنى آخر، فقال: فيه أن تأخير الصدقة تحبس صاحبها يوم القيامة انتهى. ذكره في "الفتح" (?). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته:
حديث عُقبة بن الحارث رضي الله تعالى عنه هذا أخرجه البخاري.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -104/ 1365 - وفي "الكبرى" -138/ 1288 - بالسند المذكور.
وأخرجه (خ) 1/ 215 و2/ 84 و2/ 140 و8/ 76 (أحمد) 4/ 7 و384 و4/ 8 و384. والله تعالى أعلم.
المسألة الثالثة: في فوائده: