إلى دليل على الاكتفاء بمسمى الصلاة، فإن الأحاديث الصحيحة ليس فيها الاقتصار، والأحاديث التي فيها الأمر بمطلق الصلاة ليس فيها ما يشير إلى ما يجب من ذلك في الصلاة، وأقلّ ما وقع في الروايات: "اللَّهم صلّ على محمد، كما صليت على إبراهيم"، ومن ثَمَّ حكى الفورانيّ عن صاحب الفروع في إيجاب ذكر إبراهيم وجهين، واحتجّ لمن لم يوجبه بأنه ورد بدون ذكره في حديث زيد بن خارجة (?) -رضي الله عنه- عند النسائي بسند قويّ ولفظه: "صلّوا عليّ، واجتهدوا في الدعاء، وقولوا: اللَّهم صلّ على محمد، وعلى آل محمد" (?).

قال الحافظ: وفيه نظر، لأنه من اختصار بعض الرواة، فإن النسائيّ أخرجه من هذا الوجه بتمامه، وكذا الطحاوي (?).

ومنها: أنه استُدلّ بتعليم النبى -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه الكيفية بعد سؤالهم عنها بأنها أفضل كيفيّات الصلاة عليه، لأنه لا يختار لنفسه إلا الأشرف الأفضل.

ويترتّب على ذلك لو حلف أن يصلّي عليه أفضل الصلاة، فطريق الْبَرّ أن يأتي بذلك، هكذا صوّبه النوويّ رحمه الله تعالى في "الروضة".

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا القول هو الصواب، وما ذكروه من صيغ الصلوات الأخرى غير صحيح، فلا يُلتفت إليه، لأنه مما لا مستند له، ولا أثارة عليه من علم. والله تعالى أعلم.

ومنها: أنه استُدلّ به على جواز الصلاة على غير الأنبياء. وسيأتي تحقيق الخلاف فيه قريباً، إن شاء الله تعالى.

ومنها: ما قيل: إنّ الواو لا تقتضي الترتيب، لأن صيغة الأمر وردت بالصلاة والتسليم بالواو في قوله تعالى: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}، وقدّم تعليم السلام قبل الصلاة، كما قالوا: عَلِمْنَا كيف نسلّم عليك، فكيف نصلّي عليك؟.

ومنها: أنه يَرُدُّ على ما نقل عن النخعيّ أنه يُجزىء فى امتثال الأمر بالصلاة قولُهُ: "السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته" في التشهد، لأنه لو كان كما قال لأرشد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015