صلى يومًا، فسلّم، وانصرف، وقد بقي من الصلاة ركعة.

نا بُندار، نا وهب بن جرير، ثنا أبي، قال: سمعت يحيى بن أيوب يحدّث، عن يزيد ابن أبي حبيب، عن سُويد بن قيس، عن معاوية بن حُدَيج، قال: صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (?)، فسها، فسلّم في ركعتين، ثم انصرف، فقال له رجل: يا رسول الله إنك سهوت، فسلّمت في ركعتين، فأمر بلالًا، فأقام الصلاة، ثم أتمّ تلك الركعة، وسألت الناس عن الرجل (?) الذي قال: يا رسول الله إنك سهوت، فقيل لي: تعرفه؟ قلت: لا، إلا أن أراه، فمرّ بي رجل، فقلت: هذا هو، قالوا: طلحة بن عُبيد الله. هذا حديث بُندار.

قال أبو بكر: هذه القصّة غير قصّة ذي اليدين، لأن المعلّم للنبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سها في هذه القصّة طلحة بن عبيد الله، ومخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - في تلك القصّة ذو اليدين، والسهو من النبي - صلى الله عليه وسلم - في قصّة ذي اليدين إنما كان في الظهر أو العصر، وفي هذه القصّة إنما كان السهو في المغرب، لا في الظهر، ولا في العصر.

وقصّة عمران بن حُصين قصة الخرباق قصّة ثالثة، لأن التسليم فى خبر عمران من الركعة الثالثة، وفي قصّة ذي اليدين من الركعتين، وفي خبر عمران دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - حُجْرته، ثمّ خرج من الحجرة، وفي خبر أبي هريرة: قام النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى خشبة معروضة في المسجد، فكل هذه أدلّة أن هذه القصص هي قصص: سها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فسلّم من الركعتين، وسها مرّة أخرى، فسلّم في ثلاث ركعات، وسها مرّة ثالثة، فسلّم في الركعتين من المغرب، فتكلّم في المرّات الثلاث، ثم أتم صلاته. انتهى كلام ابن خزيمة رحمه الله تعالى.

وقد تقدم أن الحافظ العلائي رحمه الله تعالى رجّح هذا القول أيضًا.

وقال العلامة الشوكاني -رحمه الله- في "النيل": والظاهر ما قاله ابن خزيمة، ومن تبعه من التعدد، لأن دعوى الاتحاد تحتاج إلى تأويلات مُتعسّفة انتهى.

والحاصل أن الجمع بين الأحاديث بالحمل على التعدد هو الطريق الأسهل الذي لا تكلف، ولا تعسّف فيه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، والله تعالى أعلم، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015