ذكر ابن رجب -رحمه الله- تلك الوجوه، وقد تقدم بيانها، فلا حاجة إلى إعادتها، ثم قال: ورَوَى السجود أيضًا في هذه القصّة (?) عمرانُ بن حصين - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذكره، وهو الحديث الآتي للمصنف رحمه الله تعالى في هذا الباب برقم -1236 و 1237 - انتهى كلام ابن رجب -رحمه الله- ملخصًا (?).
وقال الحافظ العلائي رحمه الله تعالى بعد ذكر ما تقدّم عن الإمام مسلم، وابن عبد البرّ رحمهما الله تعالى: ما نصه:
قلت: وعلى تقدير قبول هذا الحديث من الزهريّ، والحُكم بتصحيحه، فإما أن نعتبر روايته التي نفى فيها عدم العلم بوقوع سجود السهو من النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم ذي اليدين، أو نعتبر الرواية التي جزم فيها بعدمه.
فعلى التقدير الأول لا تعارض بينه وبين بقيّة الروايات، لأنه لم ينف ما أثبتوه، بل ذكر أنّ أحدًا من شيوخه لم يرو له، فلا يردّ مثل هذا على من حفظ ذلك، ورواه إجماعًا.
وأما على التقدير الثاني: فهو يتخرّج على تعارض المثبت والنافي، وجمهور العلماء على ترجيح المثبت على النافي، لما عنده من زيادة العلم، ونُسب الخلافُ في ذلك إلى القاضي عبد الجبار من المعتزلة وغيره، فقالوا: هما متعارضان، وهو ضعيف، لما ذكرنا من أن المثبت معه زيادة علم، وقد حفظها، وقصر النافي عنها. انتهى كلام العلائي رحمه الله تعالى.
وقد تقدم نقل كلامه هذا مطوّلًا، وبالله تعالى التوفيق.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تلخص مما ذُكر عن الأئمة الحفاظ أن قوله: "ولم يسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ قبل السلام، ولا بعده" من كلام الزهري، أدرجه بعض الرواة في الحديث، وتصرفوا فيه بالاقتصار، ويكون المراد منه نفي علمه به، لا النفي المطلق، فلا يعارض ما رواه الثقات الحُفّاظ الآخرون من إثبات سجوده - صلى الله عليه وسلم - للسهو يومئذ.
وعلى تقدير صحة كونه من الحديث، فإنه من وَهَم الزهري، فلا يعارض ما حفظه الآخرون. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
1232 - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ (?)، قَالَ: