وحديثًا على استعمال مثل ذلك، ولا يضرّ كون المقول فيه يكرهه، لأن القائل لذلك لم يقصد تنقّصه، وإنما قصد تعريفه، فجاز هذا للحاجة، كما جاز جرح الرواة، وذكر مثالبهم للحاجة إليه، وما كان غير غالب على صاحبه، ولا يُقصد به العلميةُ والتعريفُ له، فلا يسمّى لقبًا، ولكنه إذا علم رضى المقول فيه بذلك، ولم يُقصَد تنقّصه بهذا الوصف لم يحرم، ومتى وُجد أحد هذين كان حرامًا والله تعالى أعلم. انتهى كلام العلائي رحمه الله تعالى (?). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

المسألة الخامسة: في بيان ما يتعلق بذي اليدين:

لقد أجاد البحثَ في هذا الموصوع الحافظُ أبو سعيد صلاح الدين خليل بن كيكلدي العلائي -664 - 763 هـ- في مؤلف لا نظير له في بابه، سماه "نظم الفرائد لما تضمنه حديث ذي اليدين من الفوائد"، فأتى فيه بالعجب العُجاب، فلذا أحببت إيراد هذا البحث مما كتبه -رحمه الله-، تتميمًا للفائدة، ونشرا للعائدة. قال رحمه الله تعالى:

للناس فيه خلاف في موضعين:

أحدهما: في أنه ذو الشمالين، أو غيره.

والثاني: في أن ذا اليدين هل هو الخرباق المذكور في حديث عمران بن حصين، أم هما اثنان؟.

أما الأول فجمهور العلماء على أن ذا اليدين المذكور في حديث السهو هذا من رواية أبي هريرة - رضي الله عنه - غير ذي الشمالين، وهذا هو الصحيح الراجح إن شاء الله.

والحجة لذلك: ما ثبت من طرق كثيرة أن أبا هريرة - رضي الله عنه - كان حاضرًا هذه القصة يومئذ خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

كذلك رواه حماد بن زيد، عن أيوب السختياني، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إحدى صلاتي العشيّ. أخرجه مسلم.

وكذلك رواه سفيان بن عيينة، عن أيوب. أخرجه ابن الجارود في "المنتقى".

وكذلك رواه ابن عون عن محمد بن سيرين بهذا اللفظ. أخرجه النسائي، وابن خزيمة في "صحيحه".

وكذلك أيضًا رواه هشام بن حسّان، عن ابن سيرين. رواه الأثرم في "سننه" عن عبد الله بن بكر السهمي عنه.

ورواه ابن خزيمة، وأبو داود أيضًا كذلك من حديث سلمة بن علقمة، عن ابن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015