السهو منه، بخلاف ما إذا كان متحققًا لخلاف ذلك، أخذًا من ترك رجوعه - صلى الله عليه وسلم - لذي اليدين، ورجوعه للصحابة، ومن حجتهم قوله في حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -: "فإذا نسيت فذكّروني".

وقال الشافعي -رحمه الله-: معنى قوله: "فذكروني"، أي لأتذكّر، ولا يلزم منه أن يرجع لمجرّد إخبارهم، واحتمال كونه تذكّر عند إخبارهم لا يُدفَعُ.

وفرق بعض المالكية والشافعية بين ما إذا كان المخبرون ممن يحصل العلم بخبرهم، فيقبل، ويقدم على ظن الإمام أنه قد كمّل الصلاة، بخلاف غيرهم.

قال الجامع عفا الله عنه تعالى: الذي يظهر لي أن الراجح ما ذهب إليه مالك، وأحمد رحمهما الله من رجوع الإمام إلى قول المأمومين مطلقًا، ولو لم يتذكر، لظاهر حديث الباب، وعدم ورود ما يدلّ على اشتراط التذكر، وهو مذهب الإمام البخاري -رحمه الله- في "صحيحه". والله تعالى أعلم.

ومنها: أنه استنبط منه بعض العلماء القائلين بالرجوع إلى قول المأمومين اشتراط العدد في مثل هذا، وألحقوه بالشهادة، وفزعوا عليه أن الحاكم إذا نسي حكمه، وشهد به شاهدان أنه يعتمد عليهما.

ومنها: أنه استدلّ به الحنفية على أن الهلال لا يُقبَل بشهادة الآحاد، إذا كانت السماء مصحيةً، بل لابدّ فيه من عدد الاستفاضة.

وتعقب بأن سبب الاستثبات كونه أخبر عن فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - بخلاف رؤية الهلال، فإن الأبصار ليست متساوية في رؤيته، بل متفاوتة قطعًا.

ومنها: أن من سلّم معتقدًا أنه أتم، ثم طرأ عليه شكّ، هل أتمّ، أو نقص أنه يكتفي باعتقاده الأول، ولا يجب عليه الأخذ باليقين، ووجهه أن ذا اليدين لمّا أخبر أثار خبره شكًا، ومع ذلك لم يرجع النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى استثبت.

ومنها: أن البخاري -رحمه الله- استدل به على جواز تشبيك الأصابع في المسجد، وعلى أن الإمام يرجع لقول المأمومين إذا شك، وعلى جواز التعريف باللقب، وعلى الترجيح بكثرة الرواة.

وتعقبه ابن دقيق العيد بأن المقصود كان تقوية الأمر المسؤول عنه، لا ترجيح خبر على خبر.

ومنها: قوله: "أكما يقول ذو اليدين" فيه جواز التلقيب بما لا يراد به الشين والعيب.

قال الحافظ العلائي رحمه الله تعالى: قال الإمام البخاري -رحمه الله- في "صحيحه":

"باب ما يجوز من ذكر الناس، نحو قولهم: الطويل والقصير، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015