الثلاثة الأُوَلُ لبيان التكبير إذا قال من الركعتين، ورفع اليدين في القيام إلى الركعتين الأخريين، فهي من جمله الأبواب السابقة، وأما الأبواب التي بعدها فهي لبيان ما لا يبطل الصلاة، وما يبطلها. فالمحل المناسب لذكر هذه الترجمة [كتاب السهو] إنما هو قبل الأبواب الآتية برقم 21 و 22 و 23 و 24 و 25 و 26 و 27 و 28. فإن تلك الأبواب هي التي وضعت لبيان ما يتعلق بالسهو، والله تعالى أعلم بالصواب.
والسهو -بفتح، فسكون- مصدر"سها" "يسهو"، يقال: سها عن الشيء يسْهُوُ سهَوْا. قال في "اللسان": السَّهْو، والسَّهْوَة: نسيان الشيء، والغفلة عنه، وذهاب القلب عنه إلى غيره، سَهَا يَسْهُو سَهْوًا، وسُهُوًّا، فهو سَاهٍ، وسَهْوَان، وإنه لساه بَيِّن السَّهْو، والسُّهوّ. والسهو في الصلاة: الغفلة عن شيء منها. وقال ابن الأثير: السهو في الشيء: تركه عن غير علم، والسهو عنه: تركه مع العلم، ومنه قوله تعالى: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5)} [الماعون: 5]. انتهى المقصود من "اللسان".
وقال أبو البقاء الكَفَويّ في "الكليات": السهو: هو غفلة القلب عن الشيء بحيث يحتاج إلى تحصيل جديد. قال بعضهم: النسيان: زوال الصورة عن القوّة المدركة مع بقائها في الحافظة، والسهو زوالها عنهما معا. وقيل: غفلتك عما أنت عليه لتفقده سهو، وغفلتك عما أثبت عليه لتفقد غيره نسيان. وقيل: السهو يكون لما علمه الإنسان، ولما لا يعلمه، والنسيان لما غَرُبَ بعد حضوره، والمعتمد أنهما مترادفان. انتهى المقصود من "الكليات" (?). .
قال في "مراقي السعود" مبينا الفرق بينهما:
زوَالُ مَا عُلِمَ قُلْ نِسْيَانُ ... وَالْعِلْمُ فِي السَّهْوِ لهُ اكْتِتَانُ
قال شارحه: يعني أن النسيان هو زوال المعلوم من القوّة الحافظة، والقوّة المدركة، فيُستأنَفُ تحصيله لأنه غير حاصل لزواله، والسهو هو اكتنان المعلوم، أي غيبته عن القوّة الحافظة مع أنه غير غائب عن القوة المدركة، فهو الذهول عن المعلوم الحاصل، فيتنبه له بأدنى تنبيه. وقيل: النسيان غفلة عن المذكور، والسهو غفلة عن المذكور وغيره. وقيل: هما مترادفان. انتهى (?) ..
وقال السيوطي في "الكوكب الساطع" مشيرًا إلى القول بأن بينهما عموما وخصوصا مطلقًا: