نسي تكبيرة الإحرام لم تجبر، فكذلك التشهد، ولأنه ذكر لا يجهر به بحال، فلم يجب كدعاء الافتتاح.
واحتج غيره بتقريره - صلى الله عليه وسلم - الناس على متابعته بعد أن علم أنهم تعمدوا تركه. وفيه نظر. وممن قال بوجوبه الليث، وإسحاق، وأحمد في المشهور، وهو قول للشافعي، وفي رواية عند الحنفية.
واحتج الطبري لوجوبه بأن الصلاة فرضت أولا ركعتين، وكان التشهد فيها واجبا، فلما زيدت لم تكن الزيادة مزيلة لذلك الواجب.
وأجيب بأن الزيادة لم تتعين في الأخيرتين، بل يحتمل أن يكونا هما الفرض الأول، والمزيد هما الركعتان الأولتان بتشهدهما، ويؤيده استمرار السلام بعد التشهد الأخير كما كان.
وإحتج أيضا بأن متن تعمد ترك الجلوس الأول بطلت صلاته. وهذا لا يَردُ؛ لأن من لا يوجبه لا يبطل الصلاة بتركه. انتهى ما في "الفتح" ملخصا (?). .
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الذي يترجح عندي ما ذهب إليه من قال بوجوب التشهد الأول؛ للأمر به في حديث رفاعة بن رافع رضي الله تعالى عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للمسيء صلاته: "فإذا جلست في وسط الصلاة، فاطمئنّ، وافترش فخذك اليسرى، ثم تشهّد"، رواه أبو داود، والأمر للوجوب، ولمواظبته - صلى الله عليه وسلم - عليه، ولحديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه الآتي في 1277/ 41: "كنا ن قوله في الصلاة قبل أن يُفرض التشهد. . ." الحديث. والحاصل أن التشهد الأول واجب كالأخير؛ لما ذكرنا، فتبطل الصلاة بتركه عمدًا، ويسجد للسهو إن تركه سهوًا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
1178 - (أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ سَيْفٍ (?)، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، عَنِ ابْنِ بُحَيْنَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى، فَقَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ، فَسَبَّحُوا، فَمَضَى، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلاَتِهِ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ).
رجال هذا الإسناد: ستة:
1 - (أبو داود سليمان بن سيف) الحرّاني، ثقة حافظ [11] تقدم 103/ 136.